كان الدكتور (أويجين دوبوي) (EUGENE – DUBOIS) يبحث في إندونيسيا في جزيرة جاوة عن جذور الإنسان الأولي، وكانت السنوات الأولى من عمله دون ثمرة، حتى عمل في منطقة بركانية فعثر على نموذج في عمق أربعة عشر مترا تحت البقايا البركانية. كانت الجمجمة مع الأسف لا تناسب الحجم الذي كان يتصوره الأيديولوجيون، فجمجمة جاوا ذات سعة تصل إلى 900 سم مكعب لإنسان كان يمشي منتصبا، فلم يعجب هذا الحجم العلماء في ذلك الوقت. كانوا يريدون حجم 1300 أو 1500 سم مكعب ولكن بشرط أن يكون مركبا من قسمين، قسم إنساني وقسم مشتق من شكل قرد، وهو الشيء الذي لم يصلوا إليه حتى الآن، بكل بساطة لأن الشكل الإنساني لم يخرج من القرود كما كان يتوقع هكسلي وسبنسر في القرن التاسع عشر، بل كشفت التحريات الأنثروبولوجية الحديثة أن الجنس الإنساني اشُتق من شجرة الحياة بشكل متفرد، وكل النماذج الإنسانية التي تم الكشف عنها حتى الآن، ربما وصلت إلى حوالي 11 نموذجاً ينطبق عليها هذا القانون البيولوجي، بدءًا من النموذج الذي كشف عنه الإنثروبولوجي دونالد جوهانسون الأمريكي وأعطاه اسم (لوسي) لامرأة كانت تمشي منتصبة عاشت قبل 4.3 مليون سنة، أو أكثرها قدما والذي كشف عنه الإنثروبولوجي الأمريكي (تيم وايت) ويعود إلى قرابة 5.4 مليون سنة، أو الذي كشفت عنه العالمة البريطانية (ميف) من عائلة (ليكي) التي تعمل بهمة رائعة في كينيا ووصلت إلى كشفين مزلزلين:الأول: يعود إلى حوالي 4 ملايين سنة. والثاني : لهيكل يافع في 12 سنة من العمر، بقرب بحيرة (توركانا) في شمال كينيا ويعود إلى 6.1 مليون سنة، وهو نموذج الإنسان المنتصب، وهذا النوع تم العثور على شكله أيضاً في إسبانيا وآخر في القوقاز حيث نار الحرب لاتنطفئ؟ أو بقية النماذج الأخرى (هابيليس نموذج رودولف روبوستوس بوايسي إلخ ) وانتهاء عند الشكل الذي وصل إليه الدكتور دوبوي في جاوا؛ فالواقع لفظ هذا الهيكل وبالتالي يجب تفسيره حسب الواقع واستنطاق الأرض التي لفظته، وعمر هذا الهيكل وفق الطرق الحديثة. عندما لم يعبأ الوسط العلمي باكتشافه، كونه لا يلبي رغبات المشرفين أصيب بصدمة شديدة وإحباط جعله يتوقف عن متابعة بحوثه لمدة 28 سنة، حتى اندفع العلم في مسارات جديدة وعرف أن الدماغ كان ينمو مع الوقت، وأن الكون مبني على الحركة والتغيير دون توقف فهذا هو قانون أنطولوجي، فالله يزيد في الخلق ما يشاء وكل يوم هو في شأن.