سيطرت قوات نظام بشار الأسد أمس السبت مدعومةً بعناصر من «الدفاع الوطني» على بلدة الزارة القريبة من قلعة الحصن في ريف حمص (وسط)، التي تشرف على الطريق بين دمشق والساحل السوري، بحسب ما أعلنت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية. وقالت القيادة العسكرية للنظام إنه «بعد عملية نوعية دقيقة بسطت وحدات من الجيش العربي السوري صباح السبت بالتعاون مع الدفاع الوطني والأهالي الشرفاء، سيطرتها الكاملة على بلدة الزارة ومحيطها في الريف الغربي لمدينة حمص»، وذلك في بيان بثه التليفزيون الرسمي. واعتبرت أن هذا التقدم يكتسب أهميته «من الموقع الجغرافي الذي تتمتع به بلدة الزارة، كونها تشرف على الطريق الدولي الذي يربط بين المنطقتين الوسطى والساحلية، فضلاً عن اتخاذها ممراً رئيساً للعصابات الإرهابية القادمة من الأراضي اللبنانية». وتقع الزارة في ريف تلكلخ الحدودية مع لبنان، ويتهم النظام السوري مقاتلي المعارضة باستخدام مناطق متعاطفة معهم في شمال لبنان، قواعد خلفية لهم. وعرض التليفزيون الرسمي السوري لقطات قال إنها من الزارة، تظهر أنفاقا وُضِعَت فيها بعض الفرش للنوم والأغطية المصنوعة من الصوف، كما أظهرت اللقطات جنوداً يقومون بإزالة عبوات ناسفة، في حين بدت بعض الجثث لرجال بملابس عسكرية يُرجَّح أنها تعود لمسلحي المعارضة. وكان مصدر ميداني في «جيش الدفاع الوطني» الموالي للنظام أكد في وقت سابق السيطرة على الزارة، مشيراً إلى أن عناصره «يقومون بتمشيط بيوت بلدة الزارة للتأكد من خلوها من المسلحين». وأشار إلى أن القوات النظامية وجيش الدفاع الوطني «دخلوا البلدة من محوري الغرب والجنوب» وسيطروا على وسطها، قبل التقدم نحو شمالها، ولفت بيان الجيش إلى مقتل «أعداد كبيرة من الإرهابيين» في المعارك. من جهته، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان في بريد إلكتروني سيطرة القوات النظامية على هذه البلدة التي تقطنها غالبية من التركمان «عقب اشتباكات عنيفة مع مقاتلي جند الشام ومقاتلي الكتائب الإسلامية المقاتلة». وأوضح مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، أن «عشرات المقاتلين من الطرفين قضوا في المعارك»، مشيراً إلى أن القرية «كانت معقلاً للمقاتلين الإسلاميين، لا سيما عناصر تنظيم جند الشام». وأوضح أن هذه القرية «محاطة بقرى ذات غالبية علوية ومسيحية» واقعة تحت سيطرة قوات نظام بشار الأسد. وسيطرت القوات النظامية في الأيام الماضية على التلال المحيطة بالزارة، وتقدمت في اتجاه البلدة بهدف «تطهير» ريف حمص الغربي من المقاتلين. وبدأت قوات النظام معركة الزارة منذ أكثر من شهر، وتشكل البلدة الواقعة على بعد 53 كيلومترا غرب مدينة حمص مع ثلاث بلدات أخرى صغيرة وقلعة الحصن التاريخية، المساحة الوحيدة المتبقية في ريف حمص الغربي تحت سيطرة مسلحي المعارضة. وإلى الشمال من دمشق، أفاد المرصد عن «تواصل الاشتباكات بين القوات النظامية وقوات الدفاع الوطني ومقاتلي حزب الله اللبناني من جهة، ومقاتلي جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام وعدة كتائب إسلامية مقاتلة في محيط مدينة يبرود»، آخر معاقل المقاتلين المعارضين في منطقة القلمون الاستراتيجية قرب الحدود مع لبنان. وتقدمت القوات النظامية مدعومة بحزب الله في الأيام الماضية في اتجاه يبرود، وسيطرت على مناطق محيطة بها، وتحاول هذه القوات السيطرة على التلال المحيطة بيبرود لتصبح المدينة تحت مرمى النيران. في سياقٍ آخر، ثبَّت المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر تعيين العميد عبد الإله البشير رئيساً لهيئة أركانه بدلاً من اللواء سليم إدريس الذي كان رفض بدايةً قرار المجلس الشهر الماضي إقالته من منصبه. وتأتي الخطوة بعد توصل رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، أحمد الجربا، والقادة العسكريين إلى استقالة إدريس وتعيينه مستشاراً له، واستقالة وزير الدفاع في حكومة المعارضة. وأعلن المجلس في بيان ليل أمس الأول، الجمعة، تنفيذ كامل مضمون قرار العسكري بإقالة اللواء سليم إدريس وتعيين العميد الركن عبد الإله البشير رئيساً لهيئة الأركان العامة والعقيد هيثم عفيسي نائباً له. وكان المجلس أعلن منتصف فبراير الماضي إقالة إدريس وتعيين البشير بدلاً منه، معللا القرار ب «العطالة التي مرت بها الأركان على مدى الشهور الماضية، ونظراً للأوضاع الصعبة التي تواجه الثورة السورية ولإعادة هيكلة قيادة الأركان». وكان البشير رئيساً للمجلس العسكري في محافظة القنيطرة (جنوب)، قد انشق عن الجيش النظامي في 2012. ورفض إدريس الخطوة، في حين اعتبرت مجموعات في المعارضة المسلحة أن القرار لا يعبر عن آراء القوى على الأرض، وأفادت مصادر قريبة من إدريس عن وجود خلافات مع وزير الدفاع في الحكومة الموقتة التي شكلتها المعارضة في نوفمبر الماضي، أسعد مصطفى. وأعلن الائتلاف المعارض الخميس الماضي التوصل إلى اتفاق يقضي باستقالة مصطفى وإدريس من منصبيهما، وتعيين الأخير مستشاراً للجربا للشؤون العسكرية، كما قضى الاتفاق بتوسيع المجلس العسكري. وأفاد المجلس في بيانه أنه تم الاتفاق على «استكمال هيكلة المجلس العسكري الأعلى بملء الشواغر واستكمال هيكلة قيادة الأركان والإدارات التابعة لها والجبهات والمجالس العسكرية لتوفير القدرة على إدارة العمليات الحربية وخلال فترة لا تتجاوز الشهر من تاريخه». وأنشِئت هيئة الأركان العامة للجيش الحر في ديسمبر 2012 وعُيِّنَ إدريس قائداً لها.