نهاية ميلوسوفيتش مهمة لتسليطها على نهاية بشار الكيماوي فقد ظهرت صورة الطاغية (ميلوسوفيتش) يومها على غلاف المجلات قد رشقت بقبضة من وحل، كما أظهرت مجلة در شبيجل نفس الصورة والوحل من سوريا. ظهر بوجه مكفهر وكانت نهايته بثورة سلمية بدأت بإضرابات عمال المناجم في (كولوبارا KOLUBARA) في 29 سبتمبر 2000 لتتدفق لاحقاً مئات الآلاف إلى شوارع العاصمة فتحتل كل المراكز المهمة دون دماء بعد أن سقط النظام في الخريف كما تتساقط أوراق شجر القيقب في كندا مضرجة بالاحمرار الزاهي. وعبر عن هذا التحول الجديد الزعيم اليوغسلافي يومها (فويسلاف كوستونيكا VOJISLAV KOSTUNICA) قبل أيام من إطاحة الطاغية (ميلوسوفيتش): (إنه يمكن لنا أن نحقق ثورة سلمية حكيمة متحضرة ديموقراطية). بلاغ فهل يهلك إلا القوم الظالمون. ويستعرض (ماسيمو كالابريسي MASSIMO CALABRESI ) من واشنطن كما جاء في مجلة التايم (عدد 162000) تحت عنوان (لعبة القوة.. كش ملك) كيف وصل الغرب إلى وصفة الخلاص:( لقد حاولوا عبثاً التخلص من سلوبودان ميلوسوفيتش فلم ينفع معه القصف أو التفاوض أو الحصار، وعندما انجلى الغبار عن حملة 78 يوماً من الحمم على رأسه ظهر على السطح مجدداً متمكناً من السلطة كأشد ما يكون وبدأ الأمريكيون يحكون رؤوسهم في دواء فعال للتخلص من الشقي). وعندما قلَّب الغرب في دفتر تجاربه المريرة مع عتاة الحكم في أوربا الشرقية، وما هي إمكانات التخلص من بقايا الجيل الستاليني؟ عثر على ضالته في الحكمة الكبيرة التي تقول، إنه لا يمكن إسقاط نظام ما لم يكن قد نضج الوضع الداخلي بما فيه الكفاية. عندها قد تنفع الأساليب الخارجية من تقوية المعارضة وتسليط الإعلام وبذل الأموال وأحياناً ممارسة شيء من القوة العارية (طيرا أبابيل بصواريخ من سجيل) لكنها لا تزيد عن مزيد من المشاركة بدفع صنم ينهار، أو المساعدة في مخاض ينتهي. إنها فكرة مهمة يجب وضعها أمام أعيننا من تفاعل العناصر الخارجية مع الداخلية المهيئة. جاء في القرآن الكريم في سورة الأعراف أن البلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا. وعندما كانت جثة النبي سليمان على العرش ما دلهم على ذلك إلا دابة الأرض تأكل منسأته، فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين. إنه التصدي لاستئصال سرطان خبيث.