بكل ما تحتويه الأنفس من إنسانية وخلق رفيع وفطرة سوية، نحزن كثيراً عندما نسمع عن سقوط ضحايا في بلدان شتى، قريبة كانت أو بعيدة.. هذا الشعور يزداد وبشكل كبير مع آلام وأحزان مضاعفة؛ عندما يردنا خبر وقوع حوادث سير في بلدنا، تلك الحوادث التي راح ضحيتها آلاف من المواطنين، وكذلك الأجانب، وعدد مضاعف من المصابين، بل وباتت الطرق مهدداً رئيساً لحياة المواطن، إذ تشير الإحصائيات إلى أن الأمراض، وعلى رأسها أمراض القلب، تتربع على قائمة أسباب فقدان الأشخاص ووفاتهم في العالم، بينما في السعودية الوضع مختلف تماماً، فحوادث السير وخسائرها البشرية تتجاوز الأمراض لتصبح السبب الأول وبلا منازع للوفاة فيها. 86 ألف ضحية خلال العقدين الماضيين في بلدنا، إنها لكارثة عظيمة وعدد مهول، نتحدث بحرقة يميناً ويساراً ونتناسى أن في بلدنا هذا العدد الكبير من الضحايا!!. 17 وفاة يومياً جراء هذه الحوادث المخيفة، كل أربعين دقيقة كفيلة بوفاة شخص في طرقنا!. الإحصائيات أشارت أيضا إلى خسائر مادية فادحة وتحويلات مالية كبيرة لصالح الشركات الأجنبية من أجل الحصول على قطع غيار لتلك السيارات الشبه «ناجية»، وإيماناً بأن العمل الجاد والخطط السليمة بإمكانها الحد من وقوع الحوادث، فلقد عملت المديرية العامة للمرور على إحداث نظام «ساهر»، وكذلك عدد من الأنظمة، بيد أنها مع الأسف الشديد لم تحدث تغييراً كبيراً، فأصبح لزاماً أن يشارك المجتمع بكل أطيافه في الوقوف أمام هذا الواقع «المرير»، فثقافة السرعة في قيادة المركبات منتشرة لدى الأغلبية، وكذلك هنالك جهل كبير في التعليمات المرورية، إضافة إلى ضعف الأنظمة وغياب العقوبات الصارمة تجاه المخالفين، فقطع الإشارة، مثلاً، نجد أن عقوبتها بسيطة، بينما الخطأ شنيع وجريمة مرورية بلا شك، فيفترض سن عقوبات مالية ضخمة وتفعيل مبدأ العقاب وبقوة، وقبل ذلك كله نشر ثقافة القيادة المثالية وعدم السرعة ومحاربة «التفحيط» ومن يروّج له، والبدء بصغار السن، فهم شباب الغد!، وكذلك تحسين الطرق والنظر للطرق المؤدية إلى القرى فهي بمثابة طرق الخوف، فمسار وحيد، وتنقل عمال المزارع غير المؤهلين للقيادة! مما يتسبب في وقائع حوادث مأساوية. أبناء الوطن ثروة لا تقدر بثمن، وأرواحهم غالية، فلنعمل سويّا، وفي كل المجالات للتغيير من هذا الحال الرديء، ولتتحول القيادة في شوارعنا السريعة والداخلية إلى قيادة آمنة مفعمة بالسلامة. كلنا أمل أن تُسن أنظمة جديدة وأن تضبط بعض الأنظمة الباقية، وأن يتم العمل جديّا من أجل ذلك، فلقد عانينا كثيراً من الأخبار المحزنة في هذا الجانب.. أدام الله وطننا ومن فيه سالماً، وإلى مستقبل مميز.