يتضايق بعض المسؤولين من معظم طروحات الصحافة المحلية، لأنها تركز على سلبيات عملهم، وهي الحالات القليلة من وجهة نظرهم، مقابل الإيجابيات الكثيرة التي تتجاهلها كتاباتنا! على حد (زعم) هذا البعض الذي يرى، أيضاً، أننا ما نزال أقل سلبيات وأخطاء عن غيرنا من إخواننا العرب، وبالتالي لا داعي لكل هذا التشاؤم الذي تبدو عليه أعمدة وزوايا الكتّاب! كما أنهم، أي بعض المسؤولين، يرون في معظم الكتابات الناقدة لأداء إداراتهم، تعريضاً بمكانتهم! وتجريحاً واستفزازاً لأشخاصهم! وعلى الرغم من مبالغتهم في اتهامنا بتجاهل إنجازاتهم، إلاّ أنني أرى العكس وأطالب الصحافة بمضاعفة دورها النقدي تجاه السلبيات والتركيز على محاصرتها وكشفها، بغرض تلافيها، وإذا كانت هذه السلبيات ضئيلة كما يدعون، فإنّ القليل السيء يكثر ويتسع إذا لم تتعقبه وتتبعه بالأنوار (الكاشفة)، فعندما تكون هناك تفاحة واحدة (فاسدة) داخل صندوق تجاور فيه عشرات التفاحات، وتركتَ الفاسدة أو تغاضيتَ عنها لصغر حجمها، ألن يفسد بقية الصندوق وتصبحَ من النادمين بعد ذلك؟ وهكذا السلبيات حين تجاور الإيجابيات، لا يمكن للأولى أن ترتاح وتهنأ حتى تطبع الأخرى بطابعها. إن النغمة المتكررة “نحن الأقل سوءاً نحن الأخف أخطاء”، مع ما يقابلها من نغمات أخرى مثل “نحن الأفضل أو الأول.. الخ”، لا تشحننا بأية قوة أو ثقة، بل تخدرنا وتقعدنا عن مواصلة العمل في تحسين أوضاعنا، وفي هذه النغمة بالذات ما يهيئ المسرح ويفسحه واسعاً لأن تجاهر الأخطاء بممارسة رقصها الخليع (المسفهلّ) الخارج على الأعراف والآداب والقوانين وعلى كل مألوف بلا رقيب أو حسيب، ثم من قال إننا متشائمون حين نخصص أغلب الحديث، إن لم يكن كله، للسلبيات؟ أعتقد أنه ليس غير تفاؤلنا بتبدل الحال، هو المحرض على مواصلة الكتابة عن السلبي، لأننا ببساطة، نصون الإيجابي هنا، ونذود عنه في هذه الحالة!