أحياناً أشعر بأنني أستيقظ من كابوس عنيف بطله شيطان أعور من جزر الواق واق أتى مسرعاً ليعكر أحلامي التي أتخيل فيها الحياة كوردة في حديقة يملأها الحب والجمال. الاستيقاظ من النوم يجعلنا نشاهد الحقيقة كما هي؛ حيث لا يستطيع النائم معاصرتها. دولتنا الحبيبة تضخ المليارات في شريان التعليم؛ لكي تخرّج عقولاً هدفها الأول جعل اسم المملكة العربية السعودية في مقدمة الدول العالمية تعليمياً واقتصادياً وسياسياً وفي جميع المجالات، وهذا لن يكون إلا بالعمل الجاد المخلص. فإضاعة الوقت بالتذمر والتشكي من أي أمر لن يساعد في تخفيفه. أستغرب من التشكي الدائم من بعض المبتعثين بأن حياتهم كئيبة بئيسة، وأن مبلغ المكافأة الذي يتحصلون عليه من قبل الدولة يجبرهم على العيش تحت خط الفقر العالمي. تحدثت قبل فترة من الزمن مع مسنّ أمريكي -اسمه مايكل- أب لثلاثة أبناء، ودار النقاش المثير بيننا عن بعض المميزات التي يتميز بها المبتعثون السعوديون عن غيرهم، فقال لي سائلاً: هل هذه الأموال مستردة من قبل حكومتكم بعد تخرجكم؟ قلت: إنها هدية من ملك لشعبه، فقال لي مندهشاً: هل أنتم مجبرون على العمل في قطاع معين بعد التخرج؟ قلت له إن مبتعثي برنامج الملك عبدالله لهم حرية اختيار الوظيفة بعد الرجوع للوطن، فرأيت في جبينه علامات الاستغراب والتعجب والانبهار! فقلت في نفسي لن أخبره بأنه يتم صرف مكافأة شهرية للمبتعثين وتأمين طبي شامل من أفضل الشركات في العالم وتذاكر طيران وتعويض عن رسوم الاختبارات المختلفة، فأخاف عليه من الإغماء من وقع الخبر على قلبه. قال لي مايكل شاكياً إن لديه ثلاثة أبناء، وإن ابنه الأكبر التحق بجامعة تكلفه سنوياً 50 ألف دولار، وإنه لا يستطيع أن يفي بتكاليف الدراسة؛ فيضطر ابنه إلى أخذ سلفة بدون فوائد من الحكومة الأمريكية ويدفعها بالتقسيط بعد التخرج. قال لي فرحاً نحن محظوظون بهذه المميزات التي يتم توفيرها لنا لدعم التعليم. وقلت له: ونحن نرقص فرحاً بأننا نملك حكومة رشيدة تسهر على راحتنا وتلبية احتياجاتنا. ألا يستحق بعد هذا أن نفخر بأننا مبتعثون سعوديون؟