يفهم بعض المستفيدين البرنامج الوطني لإعانة الباحثين عن العمل «حافز»، فهماً خاطئاً، إذ يعتقدون أن صرف هذه الإعانة هو للعاطلين عن العمل وليس لمساعدة الباحثين عن عمل، فتجدهم يهتمون فقط بموعد صرف الإعانة، ولا يجهدون أنفسهم في البحث عن عمل، بل يسهرون الليالي وينامون النهار. منذ فترة، أعلنت وزارة التجارة والصناعة السعودية عن إلغاء ما يقارب 1049 سيدة أعمال ومستثمرة سجلاتهن التجارية، في ظاهرة غير مسبوقة. وقالت نائبة مديرة مركز سيدات الأعمال في وزارة التجارة والصناعة، إن رغبات الشطب من قِبل سيدات الأعمال لسجلاتهن التجارية كانت لعدة أسباب من بينها بغية الاستفادة من إعانة ‹›حافز››، التي يشترط للحصول عليه عدم وجود سجل تجاري. مثل هؤلاء هم اتكاليون على غيرهم، ولم يتعلموا شرف المحاولة في الاعتماد على أنفسهم، فيما هناك من تحدى نفسه ونزل إلى السوق ومارس المهن الحرة، ونجح في إثبات قدرته على تحدي الظروف الصعبة، كما سعى إلى صقل خبراته ومهاراته ليصبح جديراً بتحقيق آماله في الحياة. «حافز» برنامج لا يهدف إلى تقديم إعانة البطالة لمدة عام لكل شاب بعد انطباق الشروط، لكنه يهدف بالدرجة الأولى إلى المساعدة في توفير فرص عمل لهم للباحثين عنها، ما يعني بشكل مختصر ربط الإعانة بالتدريب للتأهل إلى فرصة عمل مناسبة، من خلال تقديم عدة خيارات تتناسب مع مؤهل العاطل، وتعمل على الاستفادة من طاقته الشبابية في الانخراط بعمل يدرّ عليه دخلاً ويمنحه أيضاً الفرصة لاكتساب التدريب والمهارة اللازمة لينتقل إلى أعمال أفضل. لكن يبدو أن بعضهم لا يريد أن نفهم إلا ما يريده هو فقط، أو أن يتعامل مع الأمور الحياتية كمن يأخذ بالآية القرآنية الكريمة «ولا تقربوا الصلاة» ويترك ما بعدها، لا لشيء، إلا أنه يريد أخذ ما يريد لما يريد، لذا تجدهم يتعاملون مع «حافز» كمورد مالي يأتي بهدوء ودونما تعب أو مجهود. هذه الذهنية الاتكالية لديها جذور عميقة في عقول شبابنا، زادتها الحياة العصرية تجذراً، فالمسابقات المليونية تعد الناس بالمال بضغطة زر، ورسائل الهاتف تدعوهم كل يوم إلى الراحة والتمتع بالدفء إن هم فقط أرسلوا حرفاً أو حرفين، والإعلانات التليفزيونية تغريهم بالسكون، فالمال قادم إليهم آجلا أم عاجلاً، فيما تزداد آمالهم في الحصول على أحدث الأجهزة التقنية فيظل الواحد منهم يحلم بالمال الوفير. الأصدقاء لهم أيضاً دور في الاتكالية، فصعب جداً على شاب أن يرى أصدقاءه نائمين في بيوتهم فيما هو كل يوم يذهب إلى جهة ما يطلب عملاً فلا يجد سوى أبواب مغلقة، وعندما يلوح له «حافز» بالمال يجد أنه من العبث تضييع الفرصة، فيترك البحث جانباً ليهنأ هو الآخر بالنوم. ثقافة الاتكالية كما تجذرت في سنوات تحتاج أيضاً إلى سنوات لاقتلاعها، عبر جهود ينبغي أن يشارك فيها الجميع، وبوسائل تستهدف الشباب، وبطرق فعلية، ويجب أن يبدأ الجهد الأكبر من المدرسة، ومن المنزل قبلها، يجب أن تنتبه الأسر إلى أنهم يجرمون في حق أولادهم إن هم عودوهم على نيل كل ما يطلبون، ويجب أن يضع الإعلام باعتباره أنه يصنع كل يوم أعداء للعمل والتنمية إن هو استمر في تغذية العقول بتوافه الأمور، ولم يوجههم إلى ما يصنع منهم قادة المستقبل.