إن القناعة بالقليل والرضا باليسير يؤديان إلى امتلاك الفرد نفسه، ويمشي ورأسه مرفوع في الفضاء الواسع بعيداً عن الذل والخنوع.. وإن اللهث وراء الدنيا، والانغماس فيها، والتنافس والجري وراء إشباع الشهوات واللذات.. يؤدي إلى البعد عن رب العرش والسموات…. وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما قلّ وكفي، خير مما كثر وألهى» .. وقال الشافعي – رحمه الله: رأيت القناعة رأس الغنى .. فصرت بأذيالها متمسك فلا ذا يراني على بابه .. ولا ذا يراني به منهمك فصرت غنياً بلا درهم .. أمر على الناس شبه الملك وفي الزهد، قال بعض العلماء: الزهد في الدنيا قصر الأمل، ليس بأكل الغليظ، ولا لبس البالي….. قصر الأمل، إنسان يخطط لعشرين سنة قادمة، وفي اليوم نفسه يوضع نعيه على الجدران… وقد أقبلت الدنيا على الخليفة الراشد الزاهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فلم يزده ذلك الإقبال إلا زهداً فيها ورغبة عنها، والزهد في حقيقته هو الإعراض عن الشيء، ولا يطلق هذا الوصف إلا على من تيسر له أمر من الأمور فأعرض عنه وتركه زهداً فيه، وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر) وجعلنا الله من عباده القانعين الزاهدين.