أن تشعر بالسعادة فهذا شيء وارد ولكن أن تكون وظيفتك هي سبب سعادتك فالأمر يستحق المشاركة والإشادة. ولأننا نشعر في أوقات كثيرة أن المهام الوظيفية التي نؤديها بشكل يومي دون تحد لا تصنع الفارق بالشعور، بل بالعكس يمكن تصنيفها بالعمل الروتيني. البعض يتصور أن السعادة الوظيفية مرتبطة (بعامل المال) لذا تجده يجتهد في محاولة غير معلنة خصوصاً قبل فترة التقييم في استدراج الأنظار حوله، متجاوزاً العادي والاستثنائي والمستحيل في تأديته. ولكن في نفس الوقت لا نستطيع تجاهل القوة الخفية التي تصنعها الزيادة المالية في حياة الموظف فهي قادرة على ترويض مستلزماته بالحياة بعيداً عن عناء الدخول في حاضر لا مستقبل له. الأمر الذي يجعلني أدرك أن عوامل السعادة لدى الفرد في مكان عمله تكون أكثر وضوحاً عندما يعرف ماذا يريد، وبعيداً عن الإغراءات التي تفتح لنا نوافذ الرحيل، يظل العامل المادي هو المسيطر في الأخير. وعلى الرغم من وجود عوامل أخرى مغلفة بصورة معنويه تساعدنا على البقاء في حالة افتقاد (الأهم)، إلا أنها لا تملأ الجانب الداكن في حساباتنا السرية ولكنها تحولنا إلى مسار السعادة الوظيفي. نمضي الأوقات في مقر العمل، نتعامل مع الحياة الوظيفية بما تحويها من مفاجآت وانفعالات، مع الأخذ بالاعتبار قيمة الأشخاص الذين نتعامل معهم في مجال العمل، لكن أن تكون (نجماً بارزاً) أمام مديرك ينتظرك كثير من العمل للقيام به بدءاً بالعلاقة المثالية التي تربطك معه. بالمهارات التي تملكها والالتزام بالمواعيد والأفكار الإيجابية التي تساعدك على تحسين العمل سوف تضمن لفت انتباه مديرك، فأي عمل تؤديه تستطيع من خلاله أن تعبر عما بداخلك من تفان وإخلاص، فهذا بلا شك يساعدك على تكوين سمعة جيدة سوف تنعكس على طريقة تعاملك مع مديرك وزملائك بالعمل. تواصلك مع مديرك بطريقة إيجابية لا يلغي ضرورة العمل في بيئة تستطيع أن ترى النور لمستقبلك، من خلال توفيرها لأدوات التطوير والاهتمام بالتدريب ونشر ثقافة العمل الجماعي والتقدير لسنوات الخدمة وطرق التحفيز، تقييم الأداء بشكل عادل، الأمان الوظيفي بالإضافة إلى المميزات التي توفرها لأفراد أسرتك كلها عناصر تزيد من القيمة الوظيفية بحياتك وتضيف عاملاً آخر يسعدك في عملك الوظيفي. ولا شك أن كل ما يدور في حياتنا من مبادئ، تجعلنا نتأمل أكثر في المفاهيم المكتسبة من ثقافة العمل التي تبقى نافذة جميلة تدفعنا نتحدث بكل ثقة وفق معايير مستمدة من قيم ومعتقدات وسلوكيات ورموز وأنماط ثقافية نابعة من رؤية جهة العمل، مما يجعلها الحلقة الأقوى في سعادتك في العمل، وميزة إيجابية يكون لها أثر ينعكس على جوانب حياتك. ولأننا نفهم أن التفاصيل والإشارات التي يرددها الأفراد الذين من حولك بخصوص هوية عملك تعد سمعة لها واقع يمتد أثره من جيل إلى جيل وفقاً للأهداف والمكانة والإسهامات التي تقدمها للمجتمع، فترسخ السمعة الصادقة في أذهان الأفراد ويظلون يرددون الكلمات الراقية عنك بأسلوب يحافظ على قيمتك إلى أمد بعيد وتظل ميزة تسعدك لانتمائك لهذا العمل. إن مجرد النظر في قيمة مكان العمل وفرص النمو المستقبلية في نشاطاته تقودنا إلى أن نضع خطوة ثقيلة وثقة كاملة وهذا يتحقق من خلال التأثير الحالي لوضع نشاط العمل والأبحاث التي تساعدنا في معرفة التغيرات المحتملة والمخاطر التي من الممكن أن تصادفنا في المستقبل. كل هذه التأملات تساعدك في إدراك عامل إضافي من عوامل السعادة الوظيفي. إن اللحظة التي نكون مستعدين في أن نقضي وقتاً طويلاً في نفس مكان العمل ونؤدي مسؤوليتنا الوظيفية بتفان وسعادة، من الضروري أن تكون تعويضاتها عادلة، ونشعر بأنها تملأ صدورنا بالشعور المرضي وتنسينا كل النظرات الحائرة التي تفتح نوافذ أخرى مع مرور الزمن. إن سعادتنا الوظيفية لا يمكن أن تتمحور في ضوء عامل وحيد، يظل يستدرجنا إلى زوايا تظل تبعثر مشاعرنا طوال فترة حياتنا الوظيفية، بل من الضروري أن نفهم العوامل الوظيفية الأخرى التي تدفعنا إلى تجاوز الأوراق الصغيرة وتجعلنا نشدو بسعادتنا الوظيفية.