يواصل وفد بشار الأسد في جنيف محاولات إفساد الحدث الذي ينظر له قطاعٌ من المجتمع الدولي باعتباره «فرصة ثمينة» لحلحلة الأزمة السورية. في يوم انطلاق مؤتمر «جنيف- 2»، تابعنا وزير خارجية الأسد، وليد المعلم، وهو يمارس المراوغة ويطلق الأكاذيب ويصعِّد ضد الجميع (باستثناء روسيا وإيران) متجاهلاً تنبيهات الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون. ويوم أمس، واصل وفد الأسد ما يمكن وصفه ب «التشبيح الديبلوماسي» بإطلاق اتهامات زائفة ووصف المعارضة بأنها «غير جدية» و»غير جاهزة» والتلويح بالانسحاب والعودة إلى دمشق بعد أن رفض الائتلاف الوطني الجلوس مع ممثلي النظام في غرفةٍ واحدة إلا بعد قبولهم ببنود بيان «جنيف- 1»، وهو شرط يبدو منطقياً وإلا على أي شيء يجري التفاوض أصلاً؟! وعلى الرغم من أن الأخضر الإبراهيمي ضغط لإنقاذ المفاوضات من الانهيار قبل أن تبدأ، معلناً مساء أمس قبول الطرفين ببيان جنيف الأول، إلا أن التوقعات تشير إلى احتمالية أن تشهد الساعات المقبلة مراوغات جديدة من قِبَل ممثلي الأسد خلال جلسة التفاوض التي ستجمعهم وجهاً لوجه بممثلي المعارضة والقوى الثورية. وكان الوسيط الأممي- العربي لحل الأزمة السورية صريحاً حين قال، في مؤتمره الصحفي عقب اجتماعه مع الطرفين على انفراد، إنهما قَبِلَا بيان جنيف الأول، لكنه استدرك وأقر بأن هناك خلافات في تفسير بعض البنود. وقد يعني هذا أن يبدي ممثلو النظام مجدداً تمسكاً ببقاء الأسد، على الرغم من أن المجتمع الدولي يجمع على تفسير البيان باعتباره إعلاناً عن ضرورة إبعاده عن السلطة وتشكيل هيئة حكم انتقالية بصلاحيات واسعة. الخلاصة أن الأسد أرسل إلى جنيف وجوهاً كوليد المعلم وبشار الجعفري وعمران الزعبي تجيد التعطيل والمراوغة وتصدِّر خطاباً يعكس صلافة هذا النظام وعناده العالم الذي يحاول طي صفحته السوداء، لقد أظهروا قدراً لافتاً من «العجرفة» واتبعوا أساليب أثارت استياء الأطراف الدولية وأثبتت أنهم يعبرون عن سلطة مارقة لا مكان لها مستقبلاً.