يعكف نواب المجلس الوطني التأسيسي التونسي على حسم الخلافات بشأن آخر الفصول المتبقية ضمن الدستور الجديد لكن المفاوضات تشهد تقدماً بطيئاً بين الكتل النيابية. وكان يفترض أن يشرع المجلس التأسيسي منذ أمس الأول، الأحد، في مناقشة الفصول المتبقية ضمن الباب الأخير المتعلق بالأحكام الانتقالية إلى جانب العودة إلى عدد من الفصول التي لم يتم التوافق عليها سابقاً، لكنه اضطر إلى تأجيل الجلسة لإفساح المجال للكتل النيابية لمزيد من التوافق حول عددٍ من المسائل الخلافية. وقال رئيس الكتلة الديمقراطية المعارضة في المجلس التأسيسي محمد الحامدي «اجتمع رؤساء الكتل النيابية منذ أمس الأول وحتى فجر يوم أمس، تقدمنا في بعض الفصول لكن ما زال هناك إشكال حول الفصل 6 الذي يحجر التكفير». وأضاف الحامدي: «نواب حركة النهضة صوتوا للفصل والآن يريدون التراجع عنه». ووقع نحو مائة نائب من المجلس التأسيسي على عريضة تطالب بمراجعة الفصل وإسقاط «حرية الضمير» و«تحجير التكفير» كما يضغط عدد من الجمعيات الإسلامية باتجاه إلغاء الفصل، لكن الكتلة الديمقراطية تعتبر أن لا مبرر للتراجع الآن بعد أن تم التصويت عليه بالأغلبية. وفي مقابل ذلك تم التوافق حول صيغة الفصل 38 الذي أثار جدلاً بشأن تنصيصه على تجذير الهوية الإسلامية لدى الناشئة ما ولد مخاوف لدى النخبة الليبرالية من إمكانية أن يمهد ذلك لضرب الحداثة والدولة المدنية عبر اتخاذ إجراءات لاحقاً تضرب نمط عيش التونسيين. وقال النائب عن الجبهة الوطنية التونسية، فؤاد ثامر، إنه تم التوصل إلى صيغة توافقية لهذا الفصل بعد تغيير كلمة «تجذير» بكلمة «تأصيل» كما أضيف مفهوم الانفتاح إلى الفصل. وأصبح الفصل السادس بصيغته الجديدة ينص على «تأصيل الناشئة في هويتها العربية الإسلامية وانتمائها الوطني والانفتاح على اللغات الأجنبية والحضارات الإنسانية وثقافة حقوق الإنسان». وأشار محمد الحامدي إلى أن الإشكال أيضاً يحوم حول الحق النقابي وحق الإضراب في باب الحقوق والحريات من الدستور إذ تسعى النهضة كذلك إلى التضييق حول هذا الحق رغم التصويت عليه في الجلسة العامة. وفضلاً عن ذلك تشمل المفاوضات تحديد مهام المجلس التأسيسي بعد الانتهاء من المصادقة على الدستور وكيفية مراقبة دستورية القوانين لحين إنشاء محكمة دستورية. وعلى الجانب الآخر لا تزال المفاوضات برعاية رباعي الحوار الوطني تشهد خلافات هي الأخرى بين حركة النهضة والمعارضة بسبب عدم التوافق حول تعديل التنظيم المؤقت للسلطات العامة الذي يهدف إلى الرفع من أغلبية سحب الثقة من الحكومة المقبلة إلى الثلثين عوضاً عن أغلبية 50 زائد واحد الحالية، وهناك خلاف أيضاً بشأن تحديد موعدي الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة. وأوضح الحامدي أن «الإشكال حول ما إذا كان يجب إجراؤهما بشكل متزامن أو الفصل بين الموعدين وفي هذه الحالة ما هي الانتحابات التي ستسبق الأخرى».