تواصلت جلسات المصادقة على مشروع الدستور التونسي الجديد أمس، في ظل جو من التوافق العام بين كتل الغالبية والمعارضة. وباشر المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) في المصادقة على باب الحقوق والحريات الذي يحتوي 29 فصلاً، وذلك بعد أن صادق على مبدأ «تجريم التكفير» و «المساواة بين المواطنون والمواطنات». وصادق «التأسيسي» مساء أول من أمس على «تجريم التكفير»، وذلك بعد خلافات حادة بين نواب حركة «النهضة» الإسلامية (أكبر حزب ب89 مقعداً من أصل 217) ونواب المعارضة. وبات الفصل السادس في صيغته المعدلة ينص على أن «الدولة راعية للدين، كافلة لحرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية، حامية للمقدسات، ضامنة لحياد المساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزبي، ويُحجر التكفير والتحريض على العنف». وأثار هذا الفصل احتجاج منظمات المجتمع المدني. وعبّر رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان عبد الستار بن موسى في تصريح إلى «الحياة»، عن استغرابه من إدراج حرية المعتقد والضمير والقول في الوقت ذاته إن الدولة حامية المقدسات»، محذراً من هذه الفصول «الملغومة» التي من شأنها أن تُستغل للتضييق على الحريات والإبداع بحجة حماية المقدسات. وتابع بن موسى: «ليس دور الدستور التجريم مهما كان الجرم»، معتبراً أن الدساتير تضمن الحقوق والحريات وتتولى المجلات الجزائية تجريم التكفير والتحريض على العنف وبقية المحرمات. وصادق التأسيسي أمس على فصل يقر المساواة بين التونسيات والتونسيين في الحقوق والواجبات. وصوّت 159 نائباً من أصل 169 شاركوا في عملية الاقتراع على الفصل 20 من الدستور الذي يقول إن «المواطنين والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات، وهم سواء أمام القانون من دون تمييز. وتضمن الدولة للمواطنين والمواطنات الحقوق والحريات الفردية والعامة، وتهيئ لهم أسباب العيش الكريم». يُذكر أن المرأة التونسية تحظى بوضع حقوقي فريد من نوعه في العالم العربي بفضل «مجلة (قانون) الأحوال الشخصية» التي أصدرها الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة عام 1956. وسحبت «المجلة» التي لا يزال معمولاً بها، القوامةَ من الرجل وجرمت الزواج العرفي وإكراه الفتاة على الزواج من قبل ولي أمرها، وتعدد الزوجات، وجعلت الطلاق بيد القضاء. من جهة أخرى، صادق المجلس التأسيسي على الفصل 21، الذي ينص على أن «الحق في الحياة مقدس لا يجوز المساس به إلا في حالات قصوى يضبطها القانون»، وهو ما يعني أنه لم يتم إلغاء عقوبة الإعدام الذي تطالب بها أغلبية الجمعيات الحقوقية في البلاد. وعلى رغم أن عقوبة الإعدام موجودة في الدستور التونسي منذ خمسينات القرن الماضي، إلا أنها لم تُطبق منذ أوائل التسعينات. وشدد رئيس المكتب السياسي لحركة «النهضة» عامر العريض في تصريح إلى «الحياة»، على أن «المصادقة على مختلف فصول الدستور تمت بتوافق عريض بين جميع الكتل النيابية وليس هناك أي فصل مررته الغالبية بمفردها، بما في ذلك الفصل الذي ينص على عقوبة الإعدام».