تعدُّ تنظيمات حوكمة الشركات القانونية منها والإدارية من قبيل القانون المرن (Soft-Law) القابل للتعديل والإضافة متى ما كانت مصلحة الشركة ومصلحة مساهميها تقتضي ذلك التعديل أو الإضافة. أحد كبار المنظِّرين في قوانين الحوكمة شاركهام (Charkham) يرى أن استخدام القانون المرن كما هو الحال في تنظيمات الحوكمة قد يكون عاملاً فاعلاً في القضاء على أو تقليل الفضائح المالية للشركات؛ ولهذا فهو يشبه القانون المرن الذي يغطي عديداً من تنظيمات حوكمة الشركات في دول العالم، بالسيف ذي الجانبين. ففي الجانب الأفضل، تنظيمات الحوكمة المستمدة أصلاً من القانون المرن تعطي وتضمن حداً من المرونة لهذه التنظيمات، وتقلل الحاجة إلى قوانين ثابتة غير مرنة تحكم هذه التنظيمات. وفي الجانب الآخر، هذه التنظيمات يُبنَى على مخالفتها وعدم الالتزام بها عقوبات مالية أو إدارية، وهذه العقوبات قد لا تضمن قدراً عالياً من التطبيق، وبالتالي، يبرز دور المساهمين جلياً عندما يطالبون بتطبيق هذه القوانين المرنة لتنظيمات الحوكمة، عندما تتنصل الشركة أو مجلس إدارتها من وضع وتطبيق نظام حوكمة للشركة نفسها (Self-Regulatory Corporate Governance Code). ويستطيع المساهمون المطالبة بوضع نظام الشركة الخاص بالحوكمة خلال انعقاد المجلس العمومي للشركة (Corporation›s General Assembly). بناءً على ما تقدم، أكدت المادة الاسترشادية (10) من لائحة حوكمة الشركات الصادرة عن مجلس إدارة هيئة سوق المال عام 2006م، على أن تضع الشركة المدرجة في السوق المالية لائحة خاصة بالحوكمة، وهذه اللائحة ينبغي ألَّا تتعارض مع لائحة حوكمة الشركات الصادرة عن السوق المالية. ومن خلال مراجعتي المتعمقة «أثناء دراستي للدكتوراة في قوانين الشركات والسوق المالية» لعديد من التقارير الدورية والمواقع الإلكترونية لغالبية الشركات المدرجة في السوق السعودية، تبين لي أن عدد الشركات التي قامت بوضع لائحة للحوكمة خاصة بالشركة لا يرقى إلى العدد المأمول والمتوقع «أقل من ثلث الشركات المدرجة في السوق السعودية لديها لائحة للحوكمة». علاوة على ذلك، حتى إن وجدت لائحة حوكمة خاصة بالشركة، يلاحظ أن هذه اللائحة هي لائحة طبق الأصل في أغلب الأوقات مع لائحة حوكمة الشركات الصادرة عن السوق المالية، وهذا يعود إلى اعتماد هذه الشركات في صياغة لوائح حوكمتها على اللائحة الصادرة عن السوق المالية، مع عدم محاولة الاستفادة من التجارب الدولية السبَّاقة في هذا المجال. ومن هذه التجارب على سبيل المثال: مبادئ الحوكمة الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، والتقارير والأنظمة البريطانية مثل تقرير كادبوري، تقرير غرينبري، تقرير همبل، تقرير سميث، والكود الموحد، ولائحة الحوكمة الصادرة عن هيئة سوق المال البريطانية. بيت القصيد، هو أن هذه اللوائح الخاصة بالحوكمة التي تمت صياغتها من قبل بعض الشركات المدرجة في السوق السعودية ليست مطبقة كلياً على أرض الواقع، مما يعني أن هذه اللوائح هي للعرض وليست للتطبيق (Company Window-Dressing). وإن كانت هذه اللوائح فعلاً مطبقة، فكيف يستطيع مساهمو ومراقبو سوق المال السعودية أن يلاحظوا بين الفينة والأخرى مخالفات لتنظيمات الحوكمة التي أكدها كلٌّ من نظام الشركات السعودي الصادر عام 1965م، أو لائحة الحوكمة الصادرة عن سوق المال السعودية عام 2006م. هذه المخالفات تقوم بها بعض الشركات المساهمة السعودية التي يوجد لديها لائحة داخلية لحوكمة الشركة تمت صياغتها ووضعها موضع التنفيذ.