بدأت عائلات نزحت من الفلوجة العراقية في العودة إلى منازلها بعد أن ساد الهدوء المدينة التي سيطر عليها مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) مطلع الأسبوع الماضي، في الوقت نفسه شدد خطيب جمعة ساحة الاعتصام ضد نوري المالكي في مدينة الرمادي على استمرار انعقاد الاعتصام في الساحات طالما لم تلبِّ الحكومة العراقية مطالب المعتصمين بعد. وقال الشيخ عدنان مشعل، خلال خطبة الجمعة بالقرب من جامع الجليل وسط الرمادي، إن المعتصمين «لا يريدون إطلاق سراح المجرمين والقتلة، بل يطالبون بالإفراج عن الأبرياء المعتقلين تحت حجج وذرائع كاذبة وإلغاء العمل بالمادة 4 إرهاب ونظام المخبر السري». ووصف مشعل الاتهامات التي تُطلَق بين الحين والآخر ضد المعتصمين ب»اتهامات باطلة يحاولون من خلالها التغطية على فشلهم في توفير الأمن والمعيشة الكريمة للشعب». وفي سامراء، حذر خطيب صلاة الجمعة الموحدة في ساحة الاعتصام، الشيخ سمير فؤاد، من الفتنة التي يحاول بعضهم زرع بذورها بين أبناء الشعب العراقي، مؤكداً استمرار الاعتصامات إلى حين تلبية المطالب. وفي خطبة الجمعة التي أُطلِقَ عليها اسم «الأنبار رمز التحدي والصمود»، دعا الشيخ فؤاد من وصفهم ب«الشرفاء في العالم والمجتمع الدولي» إلى مناصرة قضية المحافظات المعتصمة حتى تحقيق مطالبها المشروعة. وفي كربلاء، دعا ممثل المرجعية الدينية، أمس، إلى «مكافحة الأفكار المتطرفة واعتماد الفكر المعتدل كأساس للتعايش السلمي»، وأقرّ بأن بعض المحافظات تعاني «نسب حرمان أكثر» من غيرها مما «يولد شعوراً بالإذلال لدى أبنائها». وقال ممثل علي السيستاني في كربلاء عبدالمهدي الكربلائي، خلال خطبة صلاة الجمعة التي أقيمت في العتبة الحسينية، إن «ظاهرة الإرهاب والفكر المتطرف واستخدام العنف وعدم قبول التعايش مع الآخر تصرفات شوَّهت سمعة الاسلام وأدت إلى عدم استقرار دول المنطقة»، وحذر من أن تتسع هذه الظاهرة لتصل إلى دول وشعوب أخرى، مشدداً على ضرورة «التكاتف بين الجميع في سبيل مكافحة الأفكار المتطرفة واعتماد الفكر المعتدل كأساس للتعايش السلمي». أمنياً، استثمرت القيادة المؤقتة للفلوجة (60 كيلومتراً شمال غرب بغداد) الهدوء النسبي في المدينة وشاركت في إعادة أكثر من ألفي عائلة كانت خرجت منها خشية قيام قوات الجيش العراقي باقتحامها. وبدأت الحياة تدب من جديد في الفلوجة بعد أن توقفت الاشتباكات فيها، وبعد أن سيطر المسلحون من أبناء العشائر عليها لضبط الأمن وإعادة عديد من العائلات النازحة جراء أعمال العنف في الأيام الماضية، كما فتحت بعض المتاجر والأسواق أبوابها أمام المتبضعين، أما موظفو الدوائر الحكومية والمدارس فسيباشرون الدوام بداية الأسبوع المقبل. وكانت قيادة مكافحة الإرهاب أعلنت عن اعتقال أربعة من كبار زعماء تنظيم (داعش) في أطراف محافظة الأنبار. وشهدت الأنبار منذ أيام عمليات كر وفر بين القوات الأمنية ومسلحي (داعش) في المحافظة، لكن الحياة عادت إلى شوارع ومناطق مدينة الفلوجة جنوب شرقي الرمادي بعد أن سيطر مسلحو داعش عليها لعدة أيام. لكن هذه العمليات العسكرية لم تمنع من وقوع ضحايا مدنيين، حيث أفاد مصدر في شرطة الأنبار أمس بأن ستة مدنيين سقطوا بين قتيل وجريح بقصف دبابات الجيش منازل قريبة من مكان وجود العناصر المسلحة شرقي الرمادي. وأوضح المصدر أن «قوات الجيش قصفت بالدبابات، صباح الجمعة، منازل لمواطنين قرب مواقع العناصر المسلحة، واشتبكت مع عددٍ منهم في حي الملعب وشارع 60 شرقي الرمادي، مما أسفر عن مقتل مدني وإصابة خمسة آخرين بجروح متفاوتة». وأضاف المصدر الأمني أن «سيارات الإسعاف والشرطة هرعت إلى مكان الحادث ونقلت الجرحى إلى مستشفى قريب لتلقي العلاج، وجثة القتيل إلى الطب العدلي». ما زال مسلحون من العشائر وآخرون من تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) يسيطرون على مدينة الفلوجة (60 كلم غرب بغداد)، فيما ينتشر آخرون من التنظيم ذاته في وسط وجنوب مدينة الرمادي، كبرى مدن محافظة الأنبار، وفقا لمصادر أمنية ومحلية. وخلال صلاة الجمعة أمس، طالب إمام وخطيب جامع الفرقان وسط الفلوجة بحضور مئات المصلين، الشيخ عبدالحميد جدوع، زعماء العشائر ب «التدخل لحل الأزمة التي تمر بها الفلوجة»، وقال «لا تجعلوا من الفلوجة مكاناً لاستقطاب القتل والدماء». وطالب الحكومة أيضاً ب «عدم استخدام الجيش للاقتتال الداخلي في المدن»، مضيفاً «يجب أن تجعل منه سوراً للوطن». ميدانياً، أكد الضابط السابق في الجيش، الذي يتولى قيادة قوات العشائر في مدينة الرمادي، مجيد سعيد الفهداوي، أن «قوات الجيش وأبناء العشائر والصحوات تخوض اشتباكات ضد تنظيم داعش في منطقة الخالدية» الواقعة شرق مدينة الرمادي، دون ذكر تفاصيل إضافية. وما زال مقاتلون من تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» يسيطرون على أحياء متفرقة في وسط وجنوب الرمادي، فيما تفرض قوات الشرطة والعشائر والصحوات سيطرتها على أحياء أخرى في المدينة. حقوقياً، اتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان أمس القوات الحكومية العراقية والمسلحين الموالين لتنظيم القاعدة بالتسبب في مقتل مدنيين عبر اتباع طرق قتال «محظورة». وجاء في بيان للمنظمة أن «طرق القتال المحظورة من قِبَل كل الأطراف تسببت في خسائر بشرية ودمار في الممتلكات». ويشارك مسلحو تنظيم القاعدة المرتبط ب «الدولة الإسلامية في العراق والشام» بقوة في الاشتباكات الجارية في الأنبار إلى جانب مسلحين من أبناء عشائر المحافظة المناهضين للحكومة. واستعانت القوات الأمنية في الوقت ذاته بالعشائر الموالية لها لمواصلة عملياتها التي بدأت قبل عشرة أيام. وقال متحدث باسم الجيش العراقي الثلاثاء الماضي «لا يمكن اقتحام الفلوجة الآن حفاظاً على دماء أهاليها». من جهة أخرى، قُتِلَ سبعة أشخاص في هجمات متفرقة شمال بغداد. ففي الموصل (350 كلم شمال بغداد)، قال ضابط في الشرطة برتبة رائد: إن أربعة من عناصر الأمن، ثلاثة جنود وشرطياً، قُتِلُوا في هجمات متفرقة في مناطق مختلفة حول الموصل، وأكد مصدر أمني حصيلة الضحايا. كما قُتِلَ ثلاثة من عناصر الشرطة في هجوم مسلح استهدف نقطة تفتيش في ناحية بهرز إلى الجنوب من مدينة بعقوبة (60 كلم شمال شرق بغداد)، وفقاً لمصادر أمنية وطبية.