كل شيء يحتاج إلى مسافة للظهور. الشمس نراها بوضوح وتضوينا بإتقان رغم بعدها، والقمر أيضاً بعيد جداً لكننا نشهد تحولاته الجميلة. التوازن الكوني يعتمد على المسافات. كذلك الحب، العطاء، الإنجاز والإتقان، كل شيء يعتمد على المسافات، والدليل أننا حين اقتربنا كثيراً ممن نحب، رأينا عيوباً لم نرغب في رؤيتها. وحين اقتربنا أكثر مما ينبغي من بعض البشر، اكتشفنا زيف أقنعة كانت مصدر سعادة لنا. المشكلة يا أصحاب أننا لا نُحسن التمييز بين التواصل والألفة وبين اقتحام المسافات وكسر الحواجز، والفرق كبير، كبير جداً. فالعلاقات ليست سباقات تعتمد على الجري وقطع المسافات للوصول أو الفوز، العلاقات مسيرة نتوج بها شيئاً من حبنا واحترامنا. أحبوا، تواصلوا، تهادوا وتآلفوا، لكن دون اقتحام أو تجاوز للمسافات لأنها إن زالت سيزول كثير من جمال «العلاقات» وكونوا أرضاً تترقب شمسها وقمرها كل يوم وتستقبل إشعاعهم بسعادة دون أن تقترب منهم أو يقتربوا منها أكثر من اللازم كي لا يحترق أحدهم.