يشبِّه بعضهم وادي عليب في الباحة بنيل مصر، فمن يَزُرْه مرة لابد أن يرجع له مرة أخرى.. مبرراً هذه العبارة بأن جمال المنطقة التي يحيط بها الوادي والمساحات الخضراء الشاسعة تبهر الناظر وتجبره على البقاء فترة أطول، ومن ثم البقاء على ذكريات جميلة تدفعه دفعاً في السنوات المقبلة لزيارة الوادي مرة أخرى.. وتمثل الأودية المنتشرة في ربوع منطقة الباحة وجهات سياحية مهمة تسهم في تنشيط حركة السياحة الداخلية، حيث توفر هذه الأودية مساحات كبيرة من الظلال الواسعة والمناظر الخلابة والمياه الجارية والظلال الواسعة، حيث يجد السائحون التنوع الطبيعي الذي يمثل التداخل بين الخضرة والمياه الجارية. ويعدُّ وادي عليب الواقع غرب منطقة الباحة تحفة فنية طبيعية ويتميز بوجود مساحات شاسعة من الخضرة ومن حولها المياه الجارية. ويشتهر هذا الوادي بسمعة طيبة حيث تمتد مياهه من جبال السروات مروراً بمحافظة الحجرة، ومن بين عديد من القرى في مركز الجرين ويصب في البحر الأحمر، وتغذي هذه المياه جميع القرى التي تقع على ضفاف الوادي الذي يزيد من جمال المشهد وتدفق المياه إلى الغابات والبساتين. ويأخذ السكان حاجتهم من الماء، حيث يتم توزيع المياه على الحيازات الزراعية المختلفة وفق نظام دقيق وتحت إشراف من أهالي تلك القرى. وما يميز هذا الوادي عن باقي الأودية اتساع مجراه الذي تنتشر على جانبيه كثير من المساحات الخضراء متمثلة في المزارع وأشجار الأراك والخزامى التي تحاذي المجرى، والمياه العذبة والشلالات والمياه الجارية التي لا تنقطع على مدار العام، وكذلك الغابات الكبيرة والأشجار النادرة، بالإضافة إلى أشجار وزهور متنوعة تظلل مساحات كبيرة من الأرض. يعد وادي عليب من الأودية الجميلة وفيه مناظر طبيعية خلابة ومتنزهات رائعة، والماء يتدفق فيه طوال العام، وحظي هذا الوادي بتغزُّل الشعراء فيه لما يملكه من مقومات الوادي الجميل والمناظر الطبيعية الساحرة، ويبعد وادي عليب التاريخي عن محافظة الحجرة بنحو عشرة كيلومترات، ولهذا الوادي شهرته التاريخية، وذكر في الأدب القديم، ويكاد ينحصر ذكره في سببين: أولهما قرب الوادي من مكةالمكرمة وثانيهما يعدُّ طريقاً لليمن، وقد تغنَّى به الشعراء على مر العصور وذكر في مواضع تاريخية وأدبية كثيرة. ويحظى وادي عليب بمكانة خاصة في نفوس رواد منطقة الباحة، فمعظم من يقضون إجازاتهم في ربوع المنطقة يحرصون على زيارة هذا الوادي الذي حباه الله جمالاً وطبيعة ساحرة جعلته في مقدمة المقاصد السياحية، حيث يرتدي طوال العام حلة بهية خضراء تزداد روعة وجمالاً في هذا الموسم عندما يهطل عليه المطر وتنساب الجداول والشلالات في ربوعه، وتتناغم هذه الجماليات الرائعة مع الجو الربيعي الدافئ الذي يميزه والأشجار الوارفة والمسطحات الخضراء التي تسر الناظرين. ويقصد وادي عليب الزوار والمتنزهون من جميع أنحاء المملكة ليستمتعوا بجماله ويغسلوا همومهم وعناء العمل في مياه جداوله الجارية وينعموا بالراحة والاستجمام في أحضان الطبيعة الساحرة، والغريب أن زوار هذا الوادي يصابون بما يشبه الإدمان، فمن يزُره مرة لا يمكنه القدوم للباحة دون المرور عليه، فكل الزوار تقريباً يقعون في غرامه. وخلال جولتنا على الوادي التقينا بعدد من الزوار. يقول متعب الحسني: أسمع عن هذا الوادي وعن طبيعته الخلابة، إلا أنني لم أجد الفرصة سوى هذه الأيام، مبدياً سعادته بوجوده في هذا الوادي المميز. وقال: في الحقيقة لم أكن أتخيل هذا الجمال الخلاب وأن يكون بهذه الروعة، واصفاً الأيام التي يقضيها في هذه الزيارة ب «الأيام التي لا تنسى». ويقول عادل الأحمد: إن المناطق الساحلية من المنطقة الجنوبية وخصوصاً في تهامة الباحة وما جاورها تزخر بعديد من الأماكن والمواقع السياحية وذلك بحكم موقعها الذي أعطاها مكانة وقبلة للسياح، حيث تعدُّ الأودية من المعالم السياحية في المنطقة. وقال: أصبح الوادي محل جذب لعديد من السائحين من كل مكان من داخل المملكة ودول الخليج.