الحياة كامرأة مسنة انتهت بها الأيام إلى كرسي خشبي لا تفارقه، الجميع يجهلون ما يجول في خاطرها، الغموض لم يفارق عينيها ما بين شروق وغروب، كانت مدرسة وسوف تظل مدرسة للعابرين، وصاياها وحكمها للعيش دُونت على كثير من الأوراق، بعضها احتضنتها كتب وبعضها لم تجد لها ملجأ ولا قارئاً فقررت الرحيل ودون أثر، تجاعيدها تعيد لها شريط ذكرياتها في كل مرة تنظر فيها إلى المرآة، فلكل منها رواية تبدأ ب «ألا ليت الشباب يعود يوماً» وتنتهي بحكمة أو وصية أو أسلوب عيش جديد. لطالما رددت: لا تكوني ضعيفة، لا تسمحي لدموعك أن تفارق عينيك مهما حصل، لا تنتظري من شخص أن يدللك ويخبرك عن مدى جمالك، ولا تلقي بالاً لمن كتب أشعاراً عن عينيك، فربما عيناك سوف تقرآن شعراً كتبه عن حواء أخرى واكتفي بمرآتك وبما ترويه لك، فهي لن تنطق زوراً عن جمالك، ولن تخون عينيك. ولطالما رددت: لا تظن أن الكذب والخيانة سوف يزيدانك رجولة، فهما لن يزيدانك إلا تعاسة، لا تظن أن شبابك سوف يدوم، فأفعل فيه ما يجعلك فخوراً حينما يشتعل رأسك شيباً. روت لنا كثيراً، كلامها لا ينتهي، لا نستطيع التعبير عنه، ولا ننهيه بنقطة، فهي امرأة ذات وصايا خالدة لن تنتهي.