المتفائلون يؤمنون أنهم يصنعون المستقبل رغم العوائق والعثرات التي تعترض مسيرتهم، يصنعون الحدث والتاريخ، يخلقون استنارة الوعي الجمعي. المتشائمون يقودهم الإحباط والفشل ينظرون من خلال مرآة التوجس وسوء الظن أحيانا. لا يرون نصف الكأس الممتلئة بل نصف الكأس الفارغة فهكذا هي عيونهم وهكذا تعمل ظفيرة الدماغ لديهم (العصيبات وأسلاك المخ) فهي وأحيانا دون وعي تترجم كل جهد إلى عيوب بمعنى التركيز على السلبيات البسيطة وتضخيمها بما يمنعهم من رؤية ميزات المنجز. دون الإغراق في الطرح الفلسفي وكي نقرب الصورة لفهم ذهنية هؤلاء ببساطة المباشرة في الخطاب المجرد نطرح أمثلة لسوداويتهم. صرح اقتصادي وجمال عمراني وإثراء معرفي كمركز الملك عبدالله المالي، ذلك المتفرد بشرقنا الأوسط الذي سيستوعب عشرات الآلاف من الموظفين وأكاديمية مالية وسيكون رافدا من روافد الاقتصاد المهمة وأحد الضمانات التي تساعد على مشاركة المملكة في قيادة الاقتصاد العالمي ورسم سياسته كونها إحدى دول العشرين وربما يبرز وول ستريت يوما ما لا يرى فيه هؤلاء أصحاب نصف الكأس الفارغة إلا هدرا للمال العام وناطحة سحاب اقتصادية تصلح أن تكون في أحد شوارع طوكيو أو نيويورك ولكن وقوعها في شمال الرياض سبب كافٍ للفشل. أمطروا الفكرة الوليدة حتى قبل أن يتم الإفادة منها بسيل من الشكوك وترويج الفشل بل ومحاولة ترسيخ عدم جدوى مشاريع نهضوية كهذه في أذهان العامة وذلك لقصورهم المعرفي ليس إلا. مدن اقتصادية في جغرافيا مختلفة من الوطن تم إنشاؤها على أرقى المواصفات العالمية لتكون محفزا اقتصاديا وضمانا لأجيال المستقبل لا يرى فيها هؤلاء سوى الفشل المستقبلي بما يختلف عن النقد ويصب في صلب التشكيك. جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، ذلك الحلم الذي شهد له العالم أجمع بعلمائه ومؤسساته المعرفية أنه أنموذج متفرد وقد بدأت ثماره تؤتي أُكُلَها لا يرى فيه أصحاب النصف الفارغ سوى مشروع تغريبي وترويج للاختلاط الجامعي متناسين وجود العلماء الذين قدموا من مختلف أنحاء العالم بثقافات وحضارات مختلفة وأننا يجب أن نوفر لهم بيئة جامعية ومعيشة لا تفصلهم عن واقعهم ولذلك تم اختيار المكان في ثول ومع ذلك لم تسلم الجامعة من أصحاب نصف الكأس الفارغة. المشروع لتقارب الثقافات الكونية والحضارات الإنسانية والأديان السماوية وغير السماوية من أجل سلام حقيقي ينبع من دواخل الإنسان بنظرة حكيمة من ملك يستشرف المستقبل ذاك المشروع الإنساني المسمى بمركز الملك عبدالله لحوار الأديان والثقافات لم يجد منهم سوى اتهام الفكرة بتمييع الإسلام ودمج الأديان وتسفيه الأحلام. أيها الأحبة المتشائمون أيها الإخوة المشككون انزعوا تلك النظارة السوداء لكي تروا إنجازات الوطن وأبناء الوطن وقيادات الوطن كم هي عظيمة ومفيدة للمنظومة الاجتماعية فما زلنا نعتقد أنكم تنظرون لنصف الكأس الفارغة فقط رغم أن الواقع يقول إن المسألة ربما تتعدى ذلك ولكننا نحسن الظن.