نحن لا نعرف لماذا كان شق عين القط شاقوليا حينا ولم تكن حدقته مدورة مثل عيوننا؟ نحن لا نعرف لماذا ننام ثلث حياتنا؟ وبدون النوم نموت! فوجب أن ننام ولو وقوفا مثل الحصان. ثم ما دلالة الأحلام في المنام؟ هل هي تعبير اللاوعي كما يقولون، وحلحلة العقد المختبئة في باطن اللاوعي؟ مع ذلك نرى من المنامات الشيء الصادق كما روي عن نبي الرحمة في مطلع النبوة، ونطير بمتعة، بل ويحلم بعض الرجال باتصال حميم مع امرأة. إن الحلم اعتمده يوسف في تجنيب مصر كارثة المجاعة فهل من مخترق لسجف الغيب فيعرف أحد مصير الطاغية والملأ؟ وأين ستنتهي سوريا بعد حمامات الدم في عام 2012؟ إن فرعون مصر لم يكن نبيا حين رأى منام البقرات العجاف السبع وهي تلتهم السبع السمان، والبقر في العادة لاتفترس بل من يفعلها هم السنوريات. ليس أحد عنده العلم، ولا أحد يملك جوابا واضحا عن هذه الظاهرة حتى اليوم. نحن لا نعرف لماذا كان التحام ذرتين من الهيدروجين وذرة من الأوكسجين تنتج الماء؟ ومن الماء جعل الرب كل شيء حي. نحن لم نكن نعرف لماذا يصفرالولد بعد عشرة أيام من الولادة، ويعتبر في العادة غير خطير ما لم يتعد حدودا معينة فيضرب النويات القاعدية في الدماغ، لذا احتاج أطباء الأطفال أحيانا إلى تبديل دم الجنين على وجه السرعة، إنقاذا للدماغ من عطب لارجعة فيها ولا مناص. نحن نعلم اليوم أن دم الوليد يضم عددا أكثر من اللازم من الكريات الحمر، بسبب حياته الجنينية، ومن خلال تحطم الزيادة في الكريات الحمر يتحلل خضاب الدم إلى مادة البيلروبين مصفرة العيون. لماذا نرى بالألوان وليس كل الحيوانات ترى ملونا فالكلاب والحمير ترى باللون الأسود أبيض. نحن عرفنا أن العصيات في قاع العين مختصة باللون أبيض أسود وأن كمية قليلة من المخاريط تمتعنا بالألوان فنرى قوس قزح، ويقول الناس عندنا في المطر إن الشيطان يضرب زوجته لماذا؟ لم نكن نسأل ولا نملك التفسير ونروي الأساطير! نحن لا نعرف سر هذا المزيج العجيب عند الإنسان بين الغرائز والعواطف والعقلانية، وكيف وضعت على نحو فريد في الجمجمة. في القاع شريحة عصبية مسؤولة عن الغرائز فنشترك نحن والأرانب والتماسيح والعصافير في السفاد. وفي جانب الدماغ حذاء الفص الصدغي تركزت اللوزة (الأميجدالا) مسؤولة عن العواطف، ويبقى نصف الدماغ العلوي والفص الجبهي مركز الوعي والإدراك. ولكن ماهو الوعي والإدراك وهل هو إفراز من الدماغ مثل إفراز الكبد للصفراء والدرق للتيروكسين؟ لاجواب فعلي عنها! نعود إلى الصفر من جديد نحن لانعلم. والله يعلم وأنتم لا تعلمون.