خطت وزارة التجارة وشركة تويوتا، خطوة حاسمة باتجاه معالجة ما أثير من قلق حول التسارع غير المقصود الذي قيل إن سائقي سيارات تويوتا يتعرضون له، ما يفقدهم، على حد ما أشارات تقارير مختلفة، القدرة على السيطرة على سياراتهم، وهو أمر ارتبط بوقوع بعض الحوادث. فقد أعلنت وزارة التجارة والصناعة أمس الإثنين عن الانتهاء من الاجتماعات مع شركة تويوتا ووكيلها المحلي شركة عبداللطيف جميل بالتزامها بحملة الاستدعاء الإلزامية لتركيب نظام التوقف الذكي Brake Override System في سيارات تويوتا في المملكة لتشمل أكثر من 400 ألف سيارة، ولعشرة أنواع من سيارات تويوتا، بالإضافة إلى إطلاق حملة توعوية مستمرة حتى إتمام تركيب النظام على جميع السيارات لتعريف مستخدمي السيارات في المملكة بالطرق الآمنة للتعامل مع حالات انطلاق السيارات بسرعات عالية دون قدرة قائدها على إيقافها أو السيطرة عليها، وبذلك تعد السعودية ثاني دولة تتخذ مثل هذه التدابير بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية، في الوقت الذي لاتزال كندا تنظر في اتخاذ تدابير مماثلة. وتوصلت التجارة إلى هذا الإنجاز بعد مناقشات دامت شهرين مع شركة تويوتا ووكيلها المحلي لتحديد نطاق عمل حملة الاستدعاء الإلزامية وآلية تنفيذ تركيب نظام التوقف الذكي على سيارات تويوتا في المملكة، لتفادي مشكلات نظام مثبت السرعة. على أن الوزارة ستشارك في الحملة التوعوية المصاحبة بالتنسيق مع شركة عبداللطيف جميل وبمشاركة الجهات ذات العلاقة لتعريف المستهلكين في المملكة بآلية التعامل مع السيارات في حال حصول حالات التسارع المفاجئة دون قدرة قائدها على التحكم بها. وتقدر بعض المصادر تكلفة إضافة نظام التوقف الذكي في المتوسط بنحو 1500 – 2000 ريال، ما قد يجعل تكلفة هذه العملية تقترب من 600 – 800 مليون ريال. وهي بالطبع تبقى أرقاماً تقديرية. وشملت الموديلات المقصودة بالحملة كلا ًمن سيارات لكزس آر إكس موديل 2010، ولكزس إيه إس موديلات 2007-2011، ولكزس آي إس 300 موديل 2010، وأفالون موديلات 2005 – 2007، وكامري موديلات 2007 – 2011، وسيكويا موديلات 2009 – 2011، وكورولا موديلات 2008 – 2010، وراف فور موديلات 2006 – 2009، ولاند كروزر إل سي 200 موديلات 2008 – 2011، ولاند كروزر إل إكس موديلات 2008 – 2011. وحسمت الوزارة الجدل الدائر حول احتمالات تطبيق إجراء مماثل على سيارات أخرى، بإعلانها عزمها على إلزام كل شركة صانعة تتخذ إجراءات دولية مماثلة بتطبيقها في المملكة، وأنها ستتخذ كافة الإجراءات اللازمة لضمان حصول المستهلك السعودي على حقوقه، مؤكدة على أن تركيب نظام التوقف الذكي هو إجراء وقائي للحفاظ على سلامة قائدي المركبات وسالكي الطرق في المملكة ولا يستدعي اتخاذ أي إجراءات حالياً من قبل المستهلكين حتى إعلان الحملة من قبل الشركة الصانعة ووكيلها المحلي وفق الإجراءات المتبعة في حملات الاستدعاء. وبينما مازالت مثبتات السرعة في الأجيال الجديدة من السيارات اليابانية عموماً تعاني من بعض الشكوك التي نفتها التحقيقات الميدانية بشأن تعطلها وما ينتج عن ذلك من مخاطر، فإن التساؤل الذي يطرح نفسه في الوقت الراهن لا يتعلق فقط في حاجة السيارات المذكورة إلى مثبتات سرعة، بقدر ما هو يتعلق بكفاءة عمل هذه المثبتات. ويعمل نظام التوقف الذكي المعروف أيضاً ب «الدواسة الذكية» من خلال مستشعرات أو حساسات يمكنها ملاحظة الضغط على دواستي الوقود والمكابح في آن واحد. كما تستطيع أن تلاحظ إذا كان السائق لا يقود سيارته بشكل طبيعي أو كان هناك خطأ ما يحدث. وبالتالي يعمل نظام الحاسب في السيارة عندئذ بأكثر من طريقة لتخفيض سرعة السيارة. وطبقت هذه التقنية لأول مرة في سيارات بي إم دبليو 750 في أواخر الثمانينيات من خلال نظام «القيادة بالركبة وإصبع القدم» التي طبقت خلال السباقات وكانت تتيح للسائق التحكم في سرعة سيارته باستخدام ركبته وأصبع قدمه. واستخدمت جميع طرازات بي إم دبليو هذه التقنية اعتباراً من 2001. وكانت كرايسلر ثاني الصانعين الذي يستخدم هذه التقنية اعتباراً من موديلات 2003. ويتطلب النظام في هذه الحالة تركيب حساسات على نظام الفرامل، ودواسة الوقود، وكمبيوتر لاتخاذ القرار بشأن ما يجب على السيارة أن تفعله للتحكم التام في السرعة. وإذا اكتشفت مشكلة خاصة على صعيد التسارع المستمر. وكانت لجان خليجية مختصة بفحص مثبتات السرعة بالسيارات التي سبق أن تعرضت لإشكاليات بخصوص هذه التقنية، أثبتت خلو مثبتات السرعة بتلك السيارات من العيوب التصنيعية. وكشفت تقارير تلك اللجان أن الأعطال التي حدثت لم تتعلق بتعطل مثبتات السرعة وإنما تعود إلى أخطاء في التعامل معها، أو عدم صيانة السيارة بشكل دوري، إلى جانب أخطاء وقع فيها سائقون، لكنها لم تعز تلك الحوادث إلى المثبتات بحد ذاتها. وبالتالي بدا من نتائج الفحص، أن المسألة تتطلب وعياً بكيفية استخدام مثبتات السرعة، بدليل أن الوزارة وسّعت من نطاق تطبيقها على الموديلات المذكورة التي تعود سنة تصنيعها في بعض الحالات إلى 2005. وتم اللجوء إلى نظام التوقف الذكي للحد من احتمالات تعطل مثبت السرعة، ما يجعل السائق قادراً على التحكم في سيارته وصولاً إلى حد التوقف التام حتى مع تعطل المكابح أو تعليق دواسة الوقود. وتكررت في الآونة الأخيرة حوادث مثبتات السرعة في عدد من الدول الخليجية وفي مقدمتها السعودية والإمارات، وأشارت التقارير المرفوعة عن المثبتات إلى شكوك تتعلق بتعطلها عند سرعات مختلفة، تراوحت بين 140 و 200 كيلومتر / ساعة، ما كشف مبدئياً عن عدم وجود سرعة معيارية تتعطل عندها السيارات. وحتى في الحالات التي لم ينتج عن هذا العطل المفاجئ حوادث مرورية، فإن الذعر الذي تسببت فيه كان كفيلاً بتحرك رسمي ملزم. ولم يعرف من مصدر محايد، أسباب ظهور هذه المشكلة في السيارات اليابانية على وجه الخصوص. كما أن إلزام تويوتا بهذا الإجراء جاء بعد إلزام الولاياتالمتحدة لها بإجراء مماثل، ولم يكن مرده إلى وجود مواصفة سعودية بخصوص مثبتات السرعة في السيارات. وهو أمر يثير التساؤل عن سبب عدم وجود مثل هذه المواصفة إلى الآن، في الوقت الذي شرعت فيه دولة الإمارات في اعتماد مواصفة لمثبتات السرعة لحماية الأرواح والممتلكات والحد من الحوادث المرورية، من خلال بعض التعديلات المقترحة للمعايير الفنية لهذه المثبتات بما يزيد من عوامل الأمان فيها. وهذا يثير التساؤل حول المعايير التي تطبقها المملكة في هذا الصدد، وهل تمت مراجعة المواصفات الفنية لمثبتات السرعة قبل تعميم إدخالها إلى السيارات ذات الموديلات الأقدم؟ وهل اختبرت تلك المثبتات وخضعت لتقييم معياري يضمن للمستخدمين حقهم في قيادة آمنة؟ ولم يعرف إن كانت الصيانة الدورية تشمل مثبتات السرعة أم لا، ومدى التزام السائقين بها. وكانت التحقيقات التي أجرتها شركة تويوتا فيما نشر من حوادث نسبت إلى أعطال في مثبت السرعة، قد برأت مثبتات السرعة من أي خلل، وأثبتت أن بعضها لم يكن أصلياً، أو أن السيارات لم تكن مهيأة أساساً لتركيب مثبت السرعة، كما تبين أن بعض الحوادث استخدمت صوراً مفبركة لمثبتات سرعة غير المثبتة في السيارات موضع الخبر. وقد درأت تلك التحقيقات المسؤولية عن المثبتات لكنها سلطت الضوء عليها ربما لتستدعي إعادة التفكير في المواصفات وإخضاعها للفحص. وبغض النظر عن التحديات التي تواجهها سوق السيارات اليابانية في الولاياتالمتحدة، وما تتعرض له من منافسات، لجأت تويوتا إلى حسم معركة التسارع المستمر لسياراتها التي شكلت عنصراً ضاغطاً عليها في المجتمع الأمريكي. وتمكنت الشركة من حسم هذه المعركة بتكلفة أقل من خلال تركيب نظام التوقف الذكي على جميع موديلاتها الجديدة، كما سعت إلى تركيبها على سيارات المتضررين، لتغلق بذلك الباب أما منافسيها الذين يسعون إلى تقويض سوقها. ويرى بعض الخبراء أن تعليق دواسة الوقود أثناء القيادة أمكن معالجته بسهولة في الموديلات التي تعتمد على علبة التروس اليديوية، لكنه كان أكثر تعقيداً في المديلات ذات الجير الأوتوماتيكي. ولكن بصفة عامة، تم تصميم مثبتات السرعة لزيادة كفاءة المكابح حتى مع تعلق الدواسة، بحيث تساعد السائق على التوقف، مهما كانت معدلات التسارع. ويشمل ذلك إدخال نظام التوقف الذكي إلى سيارات أكثر من 19 مليون مالك لسيارات تويوتا في الولاياتالمتحدةالأمريكية، في تسوية بدت حاسمة للقضايا المرفوعة ضد الشركة بهذا الخصوص. على الرغم من أن تحقيقات محايدة أكدت سلامة أنظمة خنق السرعة في سيارات تويوتا خاصة ذات أنظمة التحكم الإلكترونية. يذكر أن تسوية إشكالية إضافة مثبتات السرعة لنحو 3.2 مليون سيارة من موديلات 1998 – 2010 من تويوتا في الولاياتالمتحدة يقترب من المليار دولار. ومؤخراً، أشارت دراسة أجرتها مؤسسة «فينسي أوتوروت» الفرنسية المتخصصة في مجال سلامة الطرق، إلى أن السائقين الذين يستخدمون مثبت السرعة هم أكثر عرضة للنعاس عندما تكون الشوارع شبه خالية من السيارات المارة، كما أن رد فعلهم يكون أقل بشكل ملحوظ عندما تكون الطرق مزدحمة. وجاءت النتائج إثر دراسة أجريت على 90 سائقاً فرنسياً تم تقسيمهم إلى 3 فئات عمرية، ووضعوا في أجهزة محاكاة قيادة السيارات لمدة 3 أيام. وأظهر السائقون جميعاً مؤشرات على النعاس وتباطؤ رد الفعل عندما كانوا يستخدمون مثبت السرعة. غير أن السائقين من الشباب، أي في الفئة العمرية من 18 إلى 30 عاماً، كانوا أكثر تأثراً بالإرهاق بحسب الدراسة. وقال الباحث من جامعة ستراسبورغ، الذي أجرى الدراسة أندريه دوفو، إن مثبتات السرعة في السيارات تساعد السائقين على الطاعة فيما يخص حدود السرعة، لكن يجب أن تستخدم بطريقة أكثر عقلانية.