منذ ما يقارب الخمس وعشرين سنة والكادر الهندسي لم يُغير، بينما كوادر الوظائف الأخرى غُيرت وزادت، كالكادر الطبي مثلاً والقضائي والتعليمي وغيرها. بينما ظل الكادر الهندسي يعاني الولادة القيصرية وقد يُولد ميتاً. فمنذ ثماني سنوات والهيئة السعودية للمهندسين توصي بتعديل الكادر، وتعاونت مع وزارة الخدمة المدنية إلى أن تم إقرار الكادر من مجلس الخدمة المدنية قبل عامين ورُفع إلى المقام السامي لكي يُدرس ويُقر، ولكنه بعد ذلك ظل محبوساً في هيئة مجلس الخبراء طوال العامين الماضيين دون أن يُطرح على مجلس الوزراء، مع أن الأمر يستدعي السرعة في البت. المشكلة أن هناك ما يقارب الستة آلاف مهندس يعملون في القطاع الحكومي والراتب يبلغ سبعة آلاف ريال، ولا توجد لهم دورات، وغالبهم لا يعملون في أعمال مهنية، بل يكلفون بأعمال مكتبية. وهذه الحالة المزرية لهؤلاء المهندسين مع أنهم يُشرفون على مناقصات الدولة وعلى مشاريع بمئات المليارات، تجعلهم لا يقومون بالدور والجهد المطلوب في إعداد الرسوم والمخططات، ولا يقومون بالإشراف الحقيقي على المشاريع أثناء جولاتهم، وإن دققوا فهم لا يعرفون كثيراً من تفاصيل الهندسة لضعف خبرتهم ونقص الدورات عندهم. وهذا هو السبب الجوهري في تعثر مشاريع الدولة، لأن المهندس الذي يُخطط لها ويُشرف عليها ليس بتلك الكفاءة ولا يملك المحفز المستحق. وهذا الكادر أيضاً جعل كثيراً من المهندسين المتميزين يتسربون من القطاع الحكومي إلى القطاع الخاص، وجعل الطلاب المتميزين حديثي التخرج سواء من الداخل أو من دول الابتعاث لا يفكرون في أن يطرقوا باب الوظائف الحكومية، لأن المحفز قليل جداً ولا يناسب صعوبة الدراسة وعظيم الدور الملقى عليهم، ولا يناسب المجهود الكبير في إعداد التصاميم لعشرات المشاريع في الشهر الواحد، ولا مشقة الزيارات الميدانية. والكادر الهندسي المرجو لا يركز على زيادة الراتب فقط، بل إنه يُلزم من أراد الترقية بأن يجتاز دورات مُتخصصة واختبارات قياسية مهنية بغض النظر عن الأقدمية في العمل. وهذه هي الطريقة التي تعمل بها الدول المتطورة، وحتى الدول المجاورة، وهي أن التأهيل تُقابله زيادة في الرواتب وفي المحفزات.