حسب قول الكاتب الإنجليزي فرانسيس بيكون: «إن القراءة تصنع إنسانا كاملا، والكتابة تصنع إنسانا دقيقا»، أنطلق من هذا القول في كتابة مقالي هذا للتأكيد على دور القراءة في بناء الوعي الثقافي لدى العقلية الفردية والجماعية، على اعتبار أن القراءة فعل ثقافي وفلسفي وأدبي.. يسعى لبناء الذاكرة الثقافية بوصفها رصيدا تراكميا يحدد القيمة الإنسانية للمثقف. وبالتالي فإن هذا الفعل النوعي «القراءة» يحتاج إلى استيعاب أنساق الكتب وعدم التضييق عليه بقرارات المنع التي لا طائل منها في زمن وسائل التواصل الاجتماعي المتطورة والقادرة على إطلاق حرية القراءة عن طريقها بكل سهولة ويسر. اللافت للنظر أن قرارات المنع والرقابة لا تجري في دولنا العربية فقط وإنما في دول أخرى تدعي الحرية وهذا ما لاحظته عند قراءتي أحد المقالات التي ترصد كثيرا من كتب الروايات التي طالها مقص الرقيب ومنها: رواية «الحقيقة المجردة من يوميات هندي لبعض الوقت» للكاتب شيرمان أليكس، التي تحكي عن التمييز العنصري. كما أن رواية «ثلاثة عشر سببا لماذا؟» لجي آشر قد فرض عليها المنع لاحتوائها على قصة انتحار رغم تحقيقها أعلى الكتب مبيعا في نيويورك. ثالث الكتب الروائية التي منعت لجانيت والز بعنوان «القلعة الزجاجية» لاحتوائها على مذكرات طفولية صعبة جدا. ومن هنا تتشكل المعاناة الحقيقية للقارئ الذي يهمه بأن يطّلع على الواقع الملموس ويتطلع لكشف المستور من خلال ما يقرأ، ولابد أن تتفهم الجهات المعنية العربية ذلك وألا تجعل تلك الروايات الممنوعة في تلك الدول الغربية مثالا يحتذى، فلكل دولة ظرفها الخاص، والقراءة قيمة تبرهن على ثقافة الأفراد والمجتمعات بواقعها الحقيقي.