لم يجد الشاب رامي حسن (28 عاماً) مكاناً يرتاح فيه بعيداً عن المشي خلف زوجته في أحد المجمعات التجارية في الدمام، غير استراحات المطاعم والمقاهي التي تتوسط المجمع، وجلس بصحبة حاسبه الآلي المحمول في زاوية المكان المخصص للرجال، الذي لا تتسع مساحته لأكثر من 11 طاولة صغيرة، فيما خصصت المساحة الأكبر والمغلقة للعائلات. ويقول إن النساء لا يكللن ولا يمللن من المشي والتنقل بين المحلات، وأعتقد أن الفرصة لا تسنح لهن كثيراً للتسوق إلا مرة في الشهر أو أكثر من ذلك، وهذا ما يبرر بقاؤهن وقتاً طويلاً في التسوق، بينما أنا أشعر بالملل عندما أحضر للتسوق في أي مجمع تجاري، وبالتالي لا أجد حلاً غير الجلوس في الاستراحات، والاستمتاع بشرب القهوة الأمريكية، إلى أن تنتهي زوجتي وأخواتها اللاتي يصحبنها من التسوق. وعلى طاولة أخرى في الاسترحة يجتمع مجموعة أخرى، تتجاوز أعمارهم الأربعين عاماً، ويدور بينهم نقاش حاد يلفت أنظار الجالسين، مبررهم في التجمع في هذا المكان، هو قربه من منازلهم بحسب قول محمد صالح الزاكيات (60 عاماً)، ويضيف “نحن نجلس هنا بشكل شبه يومي، باستثناء يومي الأربعاء والخميس المخصص لعائلاتنا فقط، وندخل في نقاشات متنوعة ومختلفة، ولكن هدفنا الأكبر هو كسر الروتين الممل بالجلوس في المنازل، ونحن نهم بالجلوس هنا ونكتفي بالدخان وشرب الشاي والسوالف، ثم نغادر بعد أن نقضي ساعتين على الأكثر، موضحاً قد نحتاج في بعض الأحيان إلى الجلوس أكثر إذا أحضرنا نساءنا للتسوق، وأنا أتركهن في السوق وأحضر للجلوس هنا، لأن الحريم لايمكن المشي معهن. بينما يبرر المصري الجنسية مجدي إبراهيم (45 عاماً) وجوده في المقهى إلى كونه مغترباً وعازباً ويعيش وحيداً، وهو ما يجعله يأتي بشكل يومي، مع هذه المجموعة ويستمتع بالنقاش بحسب قوله، ويقول بعد عناء العمل طوال اليوم نضطر للبحث عن مكان نتنفس فيه، ولايوجد أفضل من هنا مع هذه المجموعة الطيبة من الناس. ويصف أحمد الجهني (52 عاماً) الطاولة التي يجلسون عليها بالمنبر الذي تفتتح من خلاله نقاشات متنوعة في الأمور الدينية والاجتماعية، والسياسية أحياناً، وأضاف نقوم بحل مشكلات بعضنا البعض، وننتقد انتقادات بناءة، وعندما تحصل لأي فرد مشكلة عائلية أو اجتماعية، نطرحها للنقاش والتعليق، ونصل في كثير من الأحيان إلى حلول ونتائج لحلها، موضحاً لا أحد يمكنه أن يمنعنا من الجلوس هنا لأننا محترمون، وأصبحنا معروفين لرجال الأمن وأصحاب المقاهي، ولانعرف مَنْ يدخل هنا ومَنْ يخرج، ولايمكننا الذهاب إلى المقاهي الكبيرة والخاصة، لأنها تكلفنا أكثر من ثلاثين ريالاً يومياً لكل فرد تقريباً، بينما لا تكلفنا الجلسة هنا أكثر من عشرة ريالات لكل أفراد المجموعة في بعض الأحيان.