صبيحة افتتاح معرض القاهرة الدولي للكتاب نشرت أكثر من وسيلة إعلامية سعودية عنواناً بأن الزوار أشادوا وأعجبوا بجناح المملكة في المعرض، ومن المعروف أن مساء يوم 22 يناير هو للافتتاح الرسمي فقط، ويفتح للزوار والعموم صباح يوم 23، وهو يوم نشر الخبر الذي أرسل للصحيفة من القاهرة مساء يوم الافتتاح، وربما قبل افتتاح المعرض، والقضية ليست في نشر الخبر، أو إعجاب الزوار بالجناح السعودي، أو السبق الصحافي الذي قام به المراسل، وإنما في حبنا للمديح، مستحضرين المرأة التي خاطبت الشاعر نزار قباني: قل لي ولو كذباً كلاماً ناعماً قد كاد يقتلني بك التمثالُ وتعودنا إعلامياً منذ عقود أن نطير فرحاً بأي مديح حتى لو كان مجاملة أو نفاقاً وتزلفاً، ونفرد له العناوين، وأصبحت مفردات «أشاد» و«نوَّه» و«ثمَّن» من مفرداتنا المميزة التي تضاف إلى قاموس أفعل التفضيل في قائمة المفضلة، مثل «أكبر» و»أفضل» و«أعظم» و«أحدث». في الكثير من مناسباتنا الرسمية والعامة ندعو الضيوف محفولين مكفولين سفراً وإقامة وهدايا، ونسألهم في وسط هذه الحفاوة التي لم تبرد بعدُ: ما رأيك في المؤتمر أو الحفل أو المهرجان؟ فيقول كلاماً إنشائياً مجانياً لا يملك أن يقول سواه، وليس من باب الذوق وآداب الضيف أن ينتقد المضيف فنبرزها في إذاعاتنا وقنواتنا وصحفنا على أنها سبق صحافي وفتح عظيم، وهي في الحقيقة من باب «ما صدقت فطيمة بذيك الكليمة»، أو نستضيف كتّاباً بارزين في صحفهم فيكتبون كلمات إشادة في مطبوعاتنا فقط، وفي بلدنا فقط، فإذا عادوا إلى بلدانهم وكتبوا في زواياهم وأعمدتهم لم يشيروا إلى ذلك من بعيد أو قريب، وكأن السكرة قد ذهبت وجاءت الفكرة، والمشكلة أننا استمرأنا المديح بالقدر الذي استمرأ فيه الناس الكذب علينا، وصدقنا الكذبة ونحن نعلم أنها كذبة، ولكن تعودنا عليها حتى أصبحنا نعيش في عيد الكذب في غربة غوار المناضل الوطني، الذي تكشف عن بوق للسلطة مدفوع الثمن!