وجه حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المغربي، وفي سابقة أولى في الحياة السياسية المغربية، نقداً ذاتياً لسياساته وكوادره في أعقاب عودته إلى المعارضة، ورفضه المشاركة في الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية الإسلامي. وعَدّ الاتحاد الاشتراكي المعارضة حلبته الرئيسية، إذ بها كون شعبيته التي بوأته احتلال الريادة في انتخابات برلمانية سابقة، ومكنته من اكتساب مصداقيته عند الناخب المغربي. وكشفت وثيقة داخلية تحصلت “الشرق” على نسخة منها، عن حجم الصدمة التي تلقاها اليسار المغربي بسبب صعود نجم الإسلاميين في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وتمكنهم من قيادة الحكومة، مما يشكل تحولاً جذرياً في المنظومة السياسية المغربية، على اعتبار أن الناخب المغربي أدار وجهه لكل التيارات السياسية الموجودة على الساحة، سواء أكانت يمينية أم يسارية. وأكدت الوثيقة أن “السؤال عن الديمقراطية لايزال مفتوحاً بالمغرب، وسيبقى مطروحاً حتى يتم إخضاعه لمنطق التجريب والتفعيل والممارسة”. وأقرت الوثيقة أن “فصيل اليسار المجتمعي لم يستطع تحقيق التطور الطبيعي، وحمل مشروع البديل الحداثي، بخلاف التيار المحافظ الذي أثبت بالملموس، سهولة ترميم مواقعه داخل مركز القرار السياسي، في حين أن اليسار، لم يتمكن إلى حدود اللحظة من تجاوز صدمة الحكومة الملتحية”. وانتقدت الوثيقة الآليات التي اعتمدها اليسار في بنيته التنظيمية وتنمية تفكيره وأدوات الاشتغال، وأكدت أن “معضلة عدم تجديد النخب أفقدت اليسار القدرة على الإبداع”. مضيفة “كان حري بنا كيسار التماشي مع عمق رسالة الشعب بمختلف تجلياتها، والتجاوب مع مطالب الليبرالية الاجتماعية، كوصفة وسط أفرزها المجتمع واحتضنها، وأن المرحلة تفرض بلا تردد التفاعل مع حراك شباب 20 فبراير، وتبني مطالب الشباب وتكييف الأداة والمشروع مع نبض ووعي المجتمع”. وتحدثت الوثيقة عن الإشكالات المرتبطة بالأصالة والمعاصرة وهوية الحزب، مؤكدة أن “الحداثة الشعبية” هي الحل. وركزت الوثيقة على ثلاثة انتظارات، بغية العودة إلى الواجهة وكسب ثقة الشارع المغربي، من خلال التأويل الحداثي للدستور والتفاعل السليم مع الجهوية الموسعة كرهان للدولة والمجتمع واعتماد العدالة الاجتماعية، من خلال المقاربة المنفعية والمقاربة الليبرالية الحديثة. يذكر أن الاتحاد الاشتراكي رفض دعوة زعيم العدالة والتنمية عبدالإله بنكيران بالمشاركة في الحكومة التي يقودها حزبه، حيث كان يسعى إلى كسب هذا الرهان، لتوجيه رسالة مفادها أن حزبه ذي المرجعية الإسلامية لا يرى مانعاً في التعامل مع مختلف المرجعيات الأخرى، بما فيها الاشتراكية المتطرفة، تماماً كما حصل مع حزب التقدم والاشتراكية ذي التوجه الشيوعي، الذي يشارك في الحكومة الحالية إلى جوار حزب الاستقلال والحركة الشعبية. ولم يتمكن الاتحاد الاشتراكي الذي خاض تجربة التسيير الحكومي في فترتين سابقتين، من الحفاظ على بريقه في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، مما فسره المراقبون بغضب الناخب المغربي، من فترة تدبيره للشأن العام وعدم ترجمة ما كان ينادي به من إصلاحات على أرض الواقع.