اعتبرت المطربة لطيفة نفسها من المحظوظات، وقالت في حديت ل«الشرق»: إنها تنتمي إلى ثورتين من كبريات الثورات التي اندلعت في العالم العربي، وهما ثورة الياسمين في وطنها تونس، وثورة اللوتس في وطنها الثاني مصر، بحكم إقامتها بالقاهرة، مؤكدة أن الفن والثورة لابد أن يكونا وجهان لعملة واحدة، فالفن هو بوق الثورة، والثورة هي النهر الذي يمد الفن بمعينه النابض. وعلقت لطيفة على الثورات العربية بقولها: المثل العربي يقول «أن تنتفض متأخراً أفضل من ألا تنتفض نهائياً»، وأنا فخورة جداً لأن العالم العربي انتفض في النهاية وثار على الظلم، وأعتقد أن كل مواطن عربي ينبغي عليه أيضاً أن يفخر بأننا في النهاية انتفضنا، وأنه حان وقت تكريم المصابين وأهالي الشهداء، لأنهم من ضحوا بأرواحهم وأبصارهم لكي نعيش نحن في نهاية المطاف أحراراً مرفوعي الرأس، وأتمنى بعد انتهاء ثورات الوطن العربي واكتمالها أن يتحقق لنا الازدهار والأمان، وأن نجد في نهاية المطاف وحدة عربية بين كل الدول العربية، خاصة وأن العالم العربي لم يتحد منذ عام 1948. وعن دورها تجاه تلك الثورات، قالت »شاركت بالغناء في أوبريت بكرا» مع عدد كبير من الفنانين، منهم تامر حسني، وشيرين عبدالوهاب، وصابر الرباعي، وكاظم الساهر، فأنا أؤمن بأهمية الأعمال الغنائية الكبيرة في التعبير عن الثورات، وشحذ الهمم، لكننا يجب أن نكملها في النهاية بعمل درامي، أو سينمائي، لكي نؤرخ لهذه المرحلة الهامة في تاريخنا العربي». وطني الأكبر وأشارت لطيفة إلى أن أي عمل فني سيقدم خلال الفترة المقبلة دون أن يتضمن أحداث تلك الثورات سيكون بمثابة عمل سطحي لا قيمة له، وعلى كل فنان أن يعبر عن الثورة بالطريقة التي يراها مناسبة له، ويجب على الشاعر أن يبدع في تأليف كلمات معبرة، والمطرب يبدع في توصيل إحساسه للمستمع، والمخرج يحاول أن يقدم أعمالاً من منظور جديد، وأتمنى أن يكون هنالك أكثر من أوبريت غنائي خلال الفترة المقبلة يتم تقديمه على مستوى العالم العربي، يجمع بين الثورات المصرية والتونسية والليبية والسورية واليمنية، وهو العمل الذي أبحث عنه بشرط أن يكون على غرار أوبريت «وطني الأكبر»، الذي لحنه موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، وكنت أتمنى أن أشارك علي الحجار في الحفل الذي أحياه مؤخراً في ميدان التحرير، لأنني أسعى لتقديم أي عمل ليكون بمثابة مرآة لما أشعر به، ولما يشعر به المجتمع، وأبحث عن عمل درامي أو سينمائي خلال الفترة الحالية لكي أقدمه خلال الفترة المقبلة». تذكروا مهاتير محمد وحول وصول التيارات الإسلامية إلى السلطة في بلدان الثورة، خصوصاً بعد انضمام مصر لقطار تونس وليبيا في هذا الشأن، بتولي د.سعد الكتاتني الإخواني المعروف لرئاسة مجلس الشعب، قالت لطيفة «أنا مسلمة، وتربيت في بيئة عربية مسلمة، وأنا شخصياً غير متخوفة نهائياً من صعود التيار الإسلامي، ومن الممكن أن نأخذ الزعيم الماليزي «مهاتير محمد» قدوة إسلامية لنا، فهو رجل استطاع أن ينهض ببلده فكرياً واقتصادياً واجتماعياً، لذلك فأنا أرى أن التجربة الإسلامية تجربة مفيدة جداً، خاصة وأن التيارات الإسلامية التي وصلت للسلطة حتى الآن تنتمي لتيار الوسط الإسلامي، وهو شيء مطمئن جداً ومفيد لأي مجتمع، لأنه يقوم على فكرة النهوض بالمجتمعات، واحترام الآخر، ومن الجائز أن يقوم الإسلاميون بالطبع بإلغاء بعض الأشياء التي يرغب معظمنا في اختفائها من حياتنا، ومن يحترم نفسه ويحترم الفن الذي يقدمه والرسالة التي يرغب في تقديمها للمجتمع من خلال فنه لا يتخوف أبداً من صعود التيار الإسلامي، ومن يفعل عكس ذلك هو من يتحدث عن الخوف منهم، ولا يرغب في صعودهم على المستوى السياسي». مراقبون وتذكرت لطيفة عصر زين العابدين بن علي، وقارنته بمرحلة ما بعد الثورة، بقولها »أيام النظام السابق كنا نخاف جداً، ونشعر أننا مراقبون في جميع الأوقات، ولم يكن أي مواطن تونسي يجرؤ على أن يتحدث في السياسة، وكان يفرض علينا أن نتحدث عن النظام الحاكم، ومن يرفض تلبية طلباتهم كان يتعرض لكثير من العراقيل في حياته، لكننا بعد الثورة أصبحنا أحراراً، نستطيع أن نعبر عما في داخلنا بدون أي خوف وبدون حذر، وأستطيع أن أقول إننا في زمن الحرية الآن». أما قوائم الفنانين السوداء، فقالت «لا أفضل هذه الطريقة في التعامل مع الفنانين، لأنها في الأساس ضد الديموقراطية التي نشدناها طوال سنوات القهر، فنحن قمنا بالثورة لأننا كنا نعيش في ظل ديكتاتورية لا تسمع الرأي الآخر، لكن بعد قيام الثورة كل فرد له حرية التفكير، ولا نستطيع أن نحجر على آرائه لمجرد أنه يختلف معنا، وأضافت: اندهشت من وضع الفنان عادل إمام ضمن تلك القوائم السوداء، رغم أنه صاحب تاريخ كبير وفضل لا ينكره أحد على السينما العربية، وذلك لمجرد اختلافنا معه. وفي الحقيقة نحن لا نمتلك إلا عادل إمام واحد، ولن نستطيع أن نعوضه مرة أخرى». التعسف والإعلام وحول قضية الإعلام العربي، وتغيره بعد قيام الثورات، قالت لطيفة »في تونس مازال الإعلام يتعرض للتكميم لتحجيم دوره، وهنالك إجراءات تعسفية تم اتخاذها مع عدد كبير من المذيعين خلال الفترة الماضية، وأعتقد أيضاً أن الإعلام المصري لم يتحرر حتى الآن بنسبة مائة في المائة، ومازلنا ننتظر بعد اكتمال الثورات أن نجد إعلاماً متحرراً يقود المجتمع للصواب، ويبعده عن الشائعات والأخبار التي لا أساس لها من الصحة. وأكدت ضرورة أن تفتح وسائل الإعلام أبوابها أمام كل مبدع، لتحقيق العدالة، وإضفاء المصداقية إلى جانب تنظيم المهرجانات الجديدة والحفلات في أماكن عديدة». وطالبت لطيفة منتجي الموسيقى »بأن يخلقوا لأنفسهم أسواقاً جديدة في المرحلة المقبلة عن طريق التوسع في إقامة الحفلات في مختلف المحافظات، لأن الوقت الحالي هو وقت الحفلات الكبيرة، وليس وقت إنتاج ألبومات موسيقية». إلا شادية وعن مصير مسلسل »شادية»، الذي كان مقرراً أن تقدمه خلال الفترة الماضية قالت لطيفة «بالطبع كان هنالك مشروع لتقديم قصة حياة شادية، لكنني بعد تفكير طويل في الموضوع شعرت أنني لن أستطيع أن أقدمها بالمستوى المطلوب، فالأصل دائماً يكون هو الأفضل».