فقدت الحاجة أم تيسير بارود (75 عاماً) من سكان مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة، بصرها من شدة البكاء على ولدها الأسير فارس الذي دخل قبل أيام عامه العشرون في سجون الاحتلال الاسرائيلي. فرقت جدران السجن بين أم تيسير وفارس منذ عقدين من الزمن وهي تأمل أن تحتضنه ولو لمرة واحدة قبل وفاتها. فارس يقبع حالياً في سجن نفحة الصحراوي ليقضي حكماً بالسجن المؤبد. وجه أم تيسير أصبح مألوفاً في فعاليات التضامن مع الأسرى في سجون الاحتلال التي تنظم كل يوم اثنين أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مدينة غزة. تتكئ على عكازها وهي ترتدي الزي التقليدي لنساء المخيمات من الرعيل الأول (الداير والشاشة) وتسير بخطوات يشوبها الحذر خوفاً من السقوط أرضاً لتشارك في الاعتصام الأسبوعي لأهالي الأسرى. ويصادف السابع عشر من ابريل/ نيسان من كل عام يوم الأسير الفلسطيني يتخلله تنظيم مهرجانات وفعاليات تضامنية مع الأسرى الأبطال. وتعتقل إسرائيل وفقاً لما تنشره جهات رسمية وأخرى تعنى بشؤون الأسرى والمعتقلين حوالي 7000 أسير بينهم مئات الأطفال والنساء في ظروف سيئة للغاية. "خطف الاحتلال فارس منذ العام 1991 ، ومن شدة البكاء عليه أصبح بصري ضعيفاً جداً فلا أرى أكثر من متر واحد، وأخاف أن لا أراه مرة أخرى لأنني أعاني من أمراض مزمنة كذلك" قالت أم تيسير وهي تمسح دموعها. وتتمنى أم تيسير أن تسمع صوت فارس المحرومة من زيارته منذ سنوات، معربة عن قلقها على حياة أبنها وباقي الأسرى الذين يخوضون إضرابا عن الطعام. لم تذق أم تيسير طعماً لفرحة الأعياد خلال سنوات اعتقاله المتواصلة وتقول: " فلا عيد بدون أبنى، وكم أتمنى أن يأتي العيد القادم وأنا على قيد الحياة ويكون فارس بيننا يستقبل الضيوف ويوزع الحلوى ". ودعت أم تيسير الله عز وجل أن يفرج كرب أبنها لتكتمل فرحتها قبل أن تغادر هذه الدنيا الى غير رجعة. وأكد الباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر فروانة، أن كافة الأسرى يعانون من أمراض مختلفة، نتيجة للظروف القاسية التي يعيشونها في ظل الإهمال الطبي والحرمان من العلاج. وأشار فروانة وهو أسير محرر، الى أن هناك مئات الأسرى يعانون من أمراض غاية في الصعوبة، وبعضها مزمنة فيما بينهم العشرات يعانون من أمراض خطيرة وخبيثة كالسرطان، إضافة الى حرمانهم من زيارة الأهل. وشدد على أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم، التي جعلت من التعذيب المحظور والمحرم دولياً بكل أشكاله الجسدية والنفسية قانوناً، وشرعته في مؤسساتها الأمنية والقضائية، ومنحته الغطاء القانوني، علاوة على العزل الانفرادي. وبيّن فروانة أن أجهزة الأمن الإسرائيلي، مارست ضد الأسرى أكثر من سبعين شكلاً جسدياً ونفسياً منها: الضرب، الوضع في الثلاجة، الشبح، الهز العنيف، الوقوف فترة طويلة، الحرمان من النوم، الحرمان من الأكل، العزل، الضغط على الخصيتين، تكسير الضلوع، الضرب على الجروح، اعتقال الأقارب وتعذيبهم أمام المعتقل، البصق في الوجه، التكبيل على شكل موزة والضرب على المعدة وعلى مؤخرة الرأس. وأشار الى استشهاد 198 أسيراً فلسطينياً منذ العام 1967 في سجون الاحتلال الاسرائيلي نتيجة التعذيب والإهمال الطبي.