"السياح بأموالهم يمكنهم الحصول على أي شيء" كانت تلك كلمات أحد الشباب الذين امتهنوا سابقاً بيع أجسادهم للسياح الذين يفدون على المغرب من أجل السياحة الجنسية. فقد تحولت المغرب إلى القبلة الأولى للمعتدين على القاصرين حيث لاعقاب. فجواز السفر الأمريكي والأوروبي يلغيان قوانين العالم, وحاجة المغرب لتلك الدولارات ولأولئك السياح جعلت الحكومة المغربية تغض الطرف عن تلك الجرائم ويسمح للجناة بالهروب من العقاب وبالتالي تضيع حقوق الضحايا. ومن المثير للاستغراب والدهشة أن وزيرة الأسرة والتضامن والتنمية الاجتماعية المغربية نزهة الصقلي تنفي وجود ما يسمى بالسياحة الجنسية في بلدها! وتؤكد أن السلطات المغربية لا تتسامح مطلقا مع هذه الظاهرة, وهو خلاف ما يحدث على ارض الواقع وما تبثه وسائل الإعلام العالمية وما تتحدث عنه الجمعيات التي تدافع عن حقوق أولئك الضحايا, ومنها جمعية "ما تقيش ولدي" التي تنشط لحماية القاصرين والأطفال الذين يتم استغلالهم, وتتحدث عن القانون الجنائي المغربي الذي لا يدين بوضوح السياحة الجنسية, والعديد من فصوله مبهمة فيما يخص الاستغلال الجنسي للقاصرين مما يوفر ثغرة قانونيه يستطيع أن ينفذ من خلالها أولئك المعتدين وهذا يعقد عمل الجمعيات التي تريد الدفاع عن الضحايا. وتتحدث وسائل الإعلام الغربية عن 200 مليون يورو سنويا وربما أكثر حصيلة ما يجنيه المغرب من تجارة دعارة القاصرين والقاصرات. وقد سلطت الأضواء كثيرا على تلك الظاهرة وما يحدث في مراكش قلب المغرب النابض وبيئتها الخلابة, وبما تعرضه من السياحة الجنسية بما ذلك دعارة القاصرين ورغم ذلك ما تزال السلطات المغربية تتجاهل تلك الظاهرة ومايحدث في الشوارع والميادين, حيث يتقاضى أولئك القاصرين مابين 200 إلى 300 درهم مغربي مقابل بيع أجسادهم لأولئك السياح الأجانب. وهذا يطرح سؤالا مهما وملحا هل الفقر والحاجة للمال أسباب كافية ومنطقية لكي يتخلى المغرب عن حماية أولئك القاصرين ويغض الطرف عن تلك السياحة الجنسية بحكم أن السياحة من أهم ركائز الاقتصاد المغربي حيث تدر مليارات الدولارات؟ وحينما نستعرض البيئة التي يأتي منها أغلب أولئك الضحايا نجدهم ينحدرون من الأحياء الأكثر فقراً في المدن الكبرى, وبعضهم يأتي من القرى المجاورة للحصول على المال حيث تدفع بعض العائلات بأبنائها إلى الشارع لجلب المال مهما كان مصدره! ويبدأ الأطفال بالتسول وبيع الورود وينتهون بالسقوط في الدعارة والولوج إلى عالم الدعارة المنظمة وبيع أجسادهم لمن يدفع أكثر فالخيارات أمامهم محدودة ولا أحد يساعدهم ويمد لهم يد العون والمساعدة. وقد أثارت التصريحاتُ التي أدلى بها وزير التربية الفرنسي الأسبق لوك فيري بخصوصِ تورطِ وزير فرنسي سابق في استغلالِ جنسي لأطفال قاصرين في مدينة مراكش المغربية جدلاً كبيراً في فرنسا وفي المغرب والعالم وارجع للأضواء قضية السياحة الجنسية في المغرب وتلك الممارسات الإجرامية, وتكتم السلطات المغربية على جريمة الوزير الفرنسي المتهم بالاعتداء الجنسي على القاصرين دليل على غياب الضمير والعدالة وأن القانون للفقراء فقط. ومن المثير للسخرية أن السلطات المغربية لم تتحرك إلا بعد تصريح الوزير الفرنسي الذي تحدث عن تلك الجريمة وعن دور السفارة الفرنسية والسلطات المغربية في التكتم على تلك القضية! ولا أعلم هل تحرك السلطات المغربية الآن كان بدافع الخجل بعد أن افتضح أمرها على يد الوزير الفرنسي أو بسبب الضغوط التي قامت بها الصحف الأجنبية والجمعيات المهتمة بأولئك الضحايا التي بدأت الحديث عن دعارة القاصرين في المغرب بكثافة وهو ما يتعارض مع حقوق الأطفال والقاصرين والاتفاقيات الدولية الخاصة بمكافحة العنف الممارس ضد الأطفال وتجارة جنس الأطفال. أولئك القاصرين بحاجة ماسة للعون والمساعدة وخاصة من توقف منهم عن العمل في الدعارة وبيع جسده وتشجيع الأسر على الإبلاغ عن حالات الاعتداء الجنسي على أبنائها حيث لازال هذا الأمر بمثابة تابو محرم في مجتمعات عربية محافظة تعيش جملة من التناقضات! مما يفقد القاصر حقه في الحماية والحصول على العدالة والاقتصاص من المعتدي . أتمنى أن تكون تحركات المغرب الأخيرة في مكافحة تلك الجرائم جادة وأن لا تكون مجرد حملة أمنية جديدة أمام وسائل الإعلام العالمية وتبدأ بسلسلة اعتقالات ثم يليها سكون إلى حين اندلاع فضيحة أخرى, وأن يبدأ العمل على إجراء التعديلات على القانون الجنائي المغربي ليتضمن بنوداً واضحة وصريحة تجرم تلك السياحة وتجرم استغلال الأطفال في ممارسات جنسية, و لعل الحكم على الاسباني المتهم بالاعتداء الجنسي على القاصرين واستغلالهم في أفلام الخلاعة (البورنوغرافيا) بثلاثين سنة بداية جيدة قد تعطي الأمل للضحايا وعائلاتهم في الحصول على العدالة والانتقام من المعتديين. وفي النهاية أدعو الحكومة المغربية لإيجاد حلول عملية لتلك الظاهرة والتعامل مع الأسباب المؤدية لتلك السياحة وهو "الفقر والحاجة للمال"من خلال إنشاء ورش ومصانع تعلم وتدرب أولئك القاصرين مهن وحرف تساعدهم على العمل وكسب رزقهم بالحلال بعيداً عن بيع أجسادهم في الشوارع للسياح فتلك السياحة لن تجلب للمغرب سوى السمعة السيئة و الدمار وانتشار الأمراض ومن أهمها الايدز والأمراض الجنسية لتتفقد خلال سنوات بسيطة زهرة شبابها فعلى الحكومة المغربية ومؤسسات المجتمع المدني والأهالي التعامل مع تلك الظاهرة بشفافية, وإنصاف الضحايا بعيداً عن المجاملات الدبلوماسية, والقبض على تلك الوحوش البشرية التي تغتال أرواح شباب المغرب ومحاكمتها حتى يكون المغرب جدير بأبنائه. د.نوف علي المطيري [email protected]