شرط الطول في العسكرية أصبح كابوساً يطارد الشباب ويقض مضاجعهم ويحرمهم من حلم الدخول في السلك العسكري وخدمة بلادهم. ما الحكمة من أن يكون المتقدم 170 سم أو 168سم؟! أطوال الغالبية العظمى من الشباب ما بين 160 و 165 سم,3 سم لن تقدم ولن تؤخر, والشجاعة لم تقرن يوماً بالطول ولا بالوزن. من المخجل أن نحرم شباباً من حلم العسكرية بسبب أمر خارج عن إرادتهم. وقد يقول قائل أننا نتحدث عن الحد الأدنى في الطول, وفتح الباب على مصراعيه لمن هم اقل من 168 قد يؤثر على مهارة الجندي في حمل السلاح وتحمل التدريبات ويخالف للمعيار العالمي المتبع في اغلب القطاعات العسكرية, وهذا أمر مردود عليه فلم يضر الجيش الصيني وهو أقوى جيوش العالم عدم امتلاك أفراده الطوال الفارع وضخامة الجسم, فالشجاعة والمهارة لا تقاس بالطول بل على امتلاك الجندي والمحارب للمهارات القتالية وعدم الهروب من مواجهة المخاطر في ساحة المعركة, ولم يضر الفيتناميين ولا الكوريين الشماليين قصر القامة وضآلة الجسم مقارنة بالجيش الأمريكي ومن يملك أقوى وأحدث الأسلحة, حيث هزم الأمريكان وطردوا من فيتنام شر طرده, وتعتبر نقطة سوداء في تاريخهم. ومن يصمم على أهمية التوازن بين الطول والوزن وتأثيرها على مهارته وقدرته على حمل السلاح يكون قد نسي او تناسى أن الطول والوزن ليست ثابتة وتتأثر بعوامل, منها التقدم في السن وإهمال التدريبات الرياضية والركون للراحة. وكلنا نلاحظ ونشهد تلك التغيرات التي تطرأ على أجساد أولئك الجنود والضباط بعد مرور السنوات حيث تبرز المعدة "الكرش " وتتغير مقاسات البدلة جراء السمنة. فالأمر مرتبط بالشخص ومهاراته القتالية وقدرته على تحمل التدريبات الشاقة وشجاعته في الميدان وليس على الطول والوزن, وتلك الجهات العسكرية التي تضيق الخناق على أولئك المتقدمين والطامحين لدخول السلك العسكري بهدف تقليص أعداد المتقدمين من خلال تلك الشروط التعجيزية التي تستخدم في الفرز والمفاضلة ومن ابسطها الطول والشهادة غاب عن باله ما يحدث بعد التخرج والعمل من استسلام للراحة وركون للكسل. وليتهم أصدروا القرارات التي تساهم في تطوير الجنود والضباط وزيادة لياقتهم من خلال فرض التمارين الصباحية والجري كنشاط إجباري قبل ممارسة مهام العمل اليومية بدلاً من البحث عن مبررات واهية لطرد الشباب الطموح وحرمانهم من فرصة العمل وخصوصا أنه لا يوجد نص في اللائحة التنفيذية لنظام خدمة الأفراد ما يشير إلى تحديد الطول والوزن للراغبين بالالتحاق في الخدمة العسكرية. وكم أعجبني المقترح الذي تقدم به عضو مجلس الشورى موفق الرويلي في العام الماضي و دعا فيه إلى استثمار إقبال الشباب على الخدمة في القطاع العسكري بشكل أمثل من خلال استيعاب جميع الراغبين في القطاع ببرامج تدريبية وتأهيلية فنية ومهنية تحت مظلة القطاع العسكري كما هو معمول به في كثير من دول العالم التي تخرج مدارس الجيش فيها ومصانعه ومشاريعه أمهر الفنيين والصناعيين والحرفيين, وهذا قد يوفر لهم حرفه وصنعه يكسبون منها قوتهم في حال تسريحهم أو تقاعدهم عن العمل. و قد أثبتت إحدى الدراسات التي قامت بها جامعة الملك سعود أنّ 75% من الشباب السعودي الذكور الذين يبلغ عمرهم 19 سنة يكون طولهم 165 سم فأكثر وان 50% منهم يبلغ طولهم 170 سم فأكثر, أما من يبلغ طولهم 175 سم فأكثر فإنهم لا يمثلون سوى 20% ، ويتبين من هنا أن مجرد رفع متطلب طول القامة سنتيمترات قليلة من شأنه حرمان أعداد هائلة من الشباب فرصة التقديم للقطاعات العسكرية, ومن الأفضل أن يكون القبول على أساس التخصص الأمني, وهناك جهات كالجوازات والمرور والمنافذ الحدودية لا تحتاج لطوال القامة, فلماذا لا يحدد طول معين لكل قطاع أو جهاز عسكري, فيتم توجيه من طوله 160 -165 سم للقطاع الذي لا يشترط طول معين, بينما يتم استقبال من أطوالهم 170 - 180 في قطاعات أخرى ترتكز في عملها على متطلبات من أهمها الطول الفارع, وبالتالي إتاحة الفرصة لأعداد أكبر من الشباب للمنافسة للتقديم للخدمة وتحقيق حلمهم بالعمل الشريف وخدمة بلادهم. د.نوف علي المطيري [email protected]