لقرون مضت رزحت الكثير من دول العالم العربي تحت وطأة عسكر وصلوا للحكم من خلال خطط دبروها بليل ثم قبضوا على الحاكم الأساسي وعزلوه وسجنوه أو قتلوه واستولوا على الإذاعة وأعلنوا البيان رقم واحد وفحواه وصولهم للسلطة وإجزالهم الوعود البراقة للشعب إن هو بايعهم. ولتسويق أنفسهم كحكام سموا ما قاموا به بال(ثورة) ونسبوها كذبا للشعب. والحقيقة هي أن ما قاموا به هو (انقلاب) هدفه الأوحد الوصول للسلطة والتحكم بمقدرات البلاد. غالباً ما تفرز هذه الإنقلابات أوضاعاً أسوأ بكثير مما كانت عليه حال الشعب قبل وصول القادة الملهمين الجدد. الكثير تعاطفوا مع التونسيين لأن الزلزال التونسي الذي أطاح برئيس حكم البلاد لعقود هو أول (ثورة) يشهدها العرب-بالمعنى الصحيح للكلمة. وبغض النظر عن سلامة الأسلوب أو سوئه-فإن ما حدث هو أمر لم يكن من الممكن إيقافه لأنه ببساطة لم يكن مخططاً له. لا يستطيع أي تيار أو طائفة أو قوة، إيقاف تسونامي لا يكاد يرى ما دام في البحر حتى إذا وصل الشاطىء أصبح قوة كاسحة لا يقف في وجهها شيء. حادثة إحراق البوعزيزي لنفسه كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، لكن حالة البوعزيزي لم تكن إلا قمة ظاهرة لجبل ضخم من الجليد مختف تحت البحر . لا يمكن التكهن بما سوف يحصل غداً فرحيل الحكومة سيولد فراغاً مخيفاً يفتح باب الإحتمالات على مصراعيه والوضع خطير جداً وهو ما يضاعف المسئولية على الإخوة في تونس ليدعوهم إلى سرعة الإلتئام فوراً حول حكومة جديدة مؤقتة تمثل الشعب ولا تكون وصية عليه حماية للبلاد من الإختلال الأمني ولا شك أن انتشار التعليم ومنه العالي وارتفاع المستوى الثقافي للمواطن التونسي كان هو السبب في بقاء تماسك البلاد حتى الآن إلا أن المعالجة ملحة لا تحتمل الإنتظار والعرب الذين وقفوا مع الشعب التونسي إبان حكم الدكتاتور مطلوب منهم الآن أكثر من أي وقت مضى أن يقفوا بشجاعة ومسئولية مع هذا الشعب العظيم للمحافظة على وحدته واستقراره. 14/2/1432 (كتبه: بدر بن فهد البليهد سكاكا ص ب 866)