اتفقت بعض الآراء الشرعية والحقوقية على أهلية المرأة في الوصاية على أبنائها، وقدرتها على إدارة أمر صغارها، فيما لا وصاية عليها إذا ما كانت بالغة راشدة، الأمر الذي يفند ما يحاول البعض ترويجه من عدم أحقية أو شرعية أن تكون المرأة وصية على أبنائها، وذلك بالالتفاف على النصوص الشرعية الواضحة في الكتاب والسنة. وطالب قضاة وقانونيون بضرورة توفر الأهلية الكاملة شرعا وقانونا وخلقا فيمن يتولى الوصاية على أموال اليتامى وحقوقهم كافة، مطالبين بضرورة أن يتقي الله من تسند إليه تلك الأمانة الجسيمة بحيث يكون يستطيع المحافظة على أموال وحقوق الضعفاء من الرجال والنساء. وأشاروا إلى حق المرأة كاملا في إدارة أموالها الخاصة بكل حرية ودون أي قيود. ويوضح فضيلة الشيخ فيصل الشيخ قاض بالمحكمة الجزئية بالمدينة المنورة أنه إذا أوصى الأب قبل وفاته بأن فلانا هو الوصي على بناته فهذه مسؤولية وأمانة يجب على الموصي مراعاة الأمانة العظيمة والمسؤولية بحيث يسعى لما فيه مصلحة لهؤلاء الصغار لأنهم أيتام والأحاديث والآيات كثيرة في هذا المجال. وشدد على أنه: إذا قصر الولي في أمانته من حق الأم أن تناقشه وتقيم شكوى عليه في المحكمة، وتنظر المحكمة فإن ثبت هذا الأمر تفسخ الوصاية عنه وتنتقل لمن هو أهل لها، فالوصاية تكون في الغالب على القصر والصغار على شخص يرتضيه والدهم وتتغير مع الأيام ومن حق الأرملة أن تتظلم وترفع الوصاية. وأجاز أن تكون المرأة وصية على أبنائها لأن الأم تكون وصية على صغارها وكثيرا من قضايا المحاكم تكون بحضور الأم وكانت فيها كفأ ومتفهمة، والغالب في الأم أن تراعي مصلحة أولادها أو بناتها، فلتعين الأم وصية على بناتها القصر حتى يبلغن، وللأم حق الوكالة على الغير إذا احتاجت هذا الشيء، والوصاية أعلى مرتبة من الوكالة فيجوز لها أن توكل من تثق فيه ويجوز لها عند الحاجة الماسة، ولا بد من توفر الكفاءة والأخلاق والدين لأن هذه أمانة ليست بسيطة، سيحاسب عليها في الدنيا والآخرة. لا وصاية وترى الدكتورة سهيلة زين العابدين عضوة جمعية حقوق الإنسان أن الأرملة البالغة الرشيدة ليس عليها أي وصاية، لأن لها ذمة مالية مستقلة وأهلية كاملة، ولا يعني كونها أرملة لا بد أن تكون عليها وصاية، وفي ديننا الإسلامي تم إلغاء القصر الدائم على المرأة البالغة الرشيدة لأنها ليست قاصرا وهي تستطيع أن تتولى إدارة أموالها بنفسها، ووجود الوصي في هذه الحالة يعتبر خطأ فادحا، لأن الأرملة لا وصاية عليها ولها حق في إدارة أموالها وحياتها بنفسها ولا ولاية عليها في مالها، حيث أعطاها الإسلام حق التصرف في مالها كما تشاء، طالما أنها بالغة رشيدة فلا ولاية ولا وصاية ولا وكالة عليها، ومجتمعنا يفرض على المرأة الوكيل ولكن هذا الإجراء ليس شرطا واجبا عليها، إذا كانت قادرة على إدارة وتصريف أموالها بنفسها. وتتساءل: لماذا تأتي المرأة بالوكيل الذي قد يبتزها وربما يقوم بالاستيلاء على أموالها؟ ولماذا تسمح له بأخذ نسبة من مالها ويشاركها فيه؟ وإذا كان دخلها أساسا محدودا ولديها قدرة على التحكم في ميزانيتها يجب ألا يفرض عليها الوكيل ويكون بمحض إرادتها هي إذا وجدت نفسها غير قادرة على إدارة أموالها خصوصا إذا كانت مسافرة وغير مقيمة في البلد وممتلكاتها في البلاد إذ من الممكن أن توكل من تثق فيه ولكن لا يجب أن يفرض عليها الوكيل. ذكاء وفطرة وتضيف سهيلة: وعندما تكون غير متعلمة وزوجها أوصى بإدارة أموالها بعد وفاته، فلا يعني هذا أن يكون وصيا على الأرملة وبناتها فالأم هي الوصية على بناتها وأولادها حتى يبلغوا الرشد، ولا وصاية عليها وإن كان ذلك موجودا فهو من الخطأ فالمرأة حتى وإن كانت غير متعلمة بفطرتها تستطيع إدارة نفقاتها وبناتها ولديها من الذكاء ما يجعلها تتفوق في عملها وتفوض وجودها في العمل والحياة، والأكيد أن البنات متعلمات. وتحاول دائما أن تتخلص من سطوة الرجل حتى لا يبتزها ويأخذ نسبة من أموالها. وتتابع: تتساوى المرأة مع الذكر في الأهلية والذمم المالية المستقلة ولها الحق في التصرف وهي التي تكون الوصية في البيت، ولها الحق في تزويج البنات إذا كان لديها بنات فالسيدة عائشة رضي الله عنها عقدت لابنة أخيها في وقت كان أخوها عبدالرحمن مسافرا في الشام فعقدت لابنته عندما تقدم لخطبتها رجل، وكيف لو كانت ابنتها فمن باب أولى أن تكون الأم هي الوصية، فالسيدة عائشة أم المؤمنين كانت مرجعا لكبار الصحابة ولها استدراكات على كبار الصحابة وفقيهة وعالمة، وتربت في بيت النبوة. وعي بالحقوق وتمضي زين العابدين في التأكيد على أنه: كثيرا ما نلغي دور الأم في عدد من الأمور، وأتمنى أن تعي المرأة حقوقها من صميم الإسلام، وللأسف جانب من الخطاب الإسلامي السائد يسلب المرأة كثيرا من حقوقها، نتيجة للفهم الخاطئ لبعض الآيات القرآنية والأخذ بالأحاديث الضعيفة التي تتفق مع العادات والتقاليد التي هي أصلا لا تتفق مع الشرع الحنيف، لكن المجتمع للأسف التزم بها وعدها من صحيح الإسلام، كما أن النساء استطعن تقديم نموذج ناجح في إدارة دفة الأمور في العديد من المجتمعات التي تولت فيها حكما سواء عبر التاريخ القديم أو الحديث، ولعل الملكة بلقيس تقف حاضرة في هذا الأمر، مما يؤكد قدرة النساء على إدارة مجتمعات بأكملها ناهيك عن إدارة أمور بيتها أو حتى نفسها. الأهلية والعزل ويعرف المحامي والمستشار القانوني جاسم بن محمد العطية (الوصي) بأنه شخص يختاره الموصي ويحدده بدقة نافية للجهالة ليتولى بعد وفاة الموصي رعاية شؤون الموصى عليهم والمحافظة على حقوقهم والدفاع عن مصالحهم، ويلزم أن تتوفر في الوصي الشروط العامة كالبلوغ والرشد والأهلية والعقل ويلزمه أن يؤدي عمله بالأمانة والنزاهة وأن يراعي مصلحة الموصى عليهم في كل تصرفاته. وبين أن الموصى عليهم عادة هم أولاد الموصي الذين لم يبلغوا سن الرشد (15) أو فاقد العقل منهم حتى لو تجاوز ال 15، وتنتهي مهمة الوصي ببلوغ الموصى عليهم سن ال 15 مقترنا بثبوت الرشد شرعا، ويكون ذلك بموجب حكم يصدر عن القاضي المختص، كما تنتهي الوصاية على فاقد العقل بزوال عارض الجنون وما في حكمه وثبوت بلوغه سن ال 15 وثبوت رشده. وشرح: إذا تجاوز الوصي حدود الوصية وأدى ذلك لضياع أو فقدان أو التفريط في حقوق الموصى عليهم أو وقع أو حدث ما يخشى معه ضياع أو احتمال ضياع حقوق الموصى عليهم جاز لوالدتهم أو أيا من الأقربين إليهم كالجد أو الأعمام التقدم للمحكمة المختصة بطلب وقف تصرفات الوصي أو المطالبة بعزله إذا كان الضرر بالغ الخطورة، كما يجوز إقامة دعوى ضده ومطالبته بتعويض عن الأضرار التي لحقت بالموصى عليهم في حال حصول ذلك. مشاركة الميراث وتشرح المحامية فريال كنج، الوصية فهي في الأصل والشرع ما تركه الزوج، ليستنفع به، أي ما يتركه من الخير للتمليك لورثته بعد موته، وجاء في سورة النساء «يوصيكم الله في أولادكم»، وهنا أولادكم أطلقت للذكور والإناث على حد السواء وفي الأصل العام قال تعالى «للذكر مثل حظ الأنثيين»، وفي الوصية الإرث بالتعصيب أن يكون للوارث نصيب غير مقدر فهم يحرزون جميع المال إن لم يكن معهم صاحب فرض في العول حجب وأحيانا يكون الولد عاق، فيحرم عنه والده بالوصية الميراث، والنقصان هو منع وارث معين، ويكتب عنها في كتب الفقه «حجب» بمعنى حرمان، وإذا لم يكن للزوجة ولد مع بناتها فيشاركها الميراث الأعمام والعمات من أخوة الأب وإن كان لديها ولد فهو يحجب أي يحرم الميراث عن إخوة والده من الأعمام والعمات ويصبح الورث ربعه للولد. وبينت أنه: كذلك الزوج إذا ماتت الزوجة وتركت إرثا لأبنائها وزوجها، أما إذا كان لديها خمس بنات فيكون نصيب الأم الثلث من التركة والمقصود بالكلالة في القرآن إن كانت اثنتان فلهما الثلث مما ترك وإن كان نصيب الأختين الثلث فرزق الأولى بالثلثين لأنهن أولى بالميت من الأخت، ويحجبن الأخوات حجبا جزئيا ومعناه أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم عندما حكم لابنتي سعد بن الربيعة بالثلثين والثلث الباقي للأخ فالأولى هو الذكر، والثمانية بنات يكون نصيبهن مختلفا ولابد من وجود شباك الإرث، وتتزوج الأرملة ولا تمس مال اليتيم، ولها ثمنها من الورث فقط. وفاة الأب الشيخ أحمد المعبي، المحكم المعتمد في وزارة العدل، والمأذون الشرعي قال: الوصي هو من يعينه القاضي وصيا على الأولاد وشروطه أن يكون وفاة الأب أول شرط بالنسبة للموصى عليه، ووجود ثروة حتى يتصرف بها، وإذا خان الأمانة هذا حكمه يعزل بواسطة القاضي ويسدد ما عليه من التزامات، فيما يفترض في الوصي أن يكون مسلما بالغا عاقلا رشيدا، وأن يكون من الأقرباء الموصى لهم ورعايتهم وحفظ كل ما يقوم به في سجلات صادر ووارد حتى يتمكن من معرفة جميع ما قام به ولا يضيع شيئا فيما يخص الموصى عليهم، وإن كانت هناك أموال يحق له استثمارها في العقارات ونحوها في الوقف باعتبارها استثمار الوصاية، مثلا إذا كان هناك أيتام وخلف لهم والدهم ملايين من كثرة الصرف في المستشفيات ومصالح الحياة ومع الأيام ستنتهي وأيضا تؤخذ منها الزكاة بذلك تتناقص أموال الأيتام لذلك يستثمرها الموصي لصالح القصر، وعليه أن يتقي الله في أموال الأيتام، ولو فكر بالزواج من المرأة لم يكن هناك شيء عليه ولا يأخذ من المال إلا أتعابه.