سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ندوة التطرّف وآثاره على الوحدة الوطنية: قلة العلم وعدم الالتفاف حول القادة والعلماء سبب التطرّف نظمتها الجامعة الإسلامية بالشراكة مع مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني
نظمت الجامعة الإسلامية بالشراكة مع مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني مساء (الأربعاء) ندوة بعنوان "التطرف وآثاره على الوحدة الوطنية" شارك فيها كلٌّ من معالي الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد المطلق رئيس مجلس الأمناء بمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني وعضو هيئة كبار العلماء، ومعالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله السند مدير الجامعة الإسلامية، ومعالي الأستاذ فيصل بن معمر الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، وأدارها الدكتور غازي بن غزاي المطيري أستاذ كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز لدراسات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالجامعة. وفي المحور الأول تحدث معالي الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد المطلق عن العلم باعتباره حصناً من حصون الذَّود عن الدين والوطن، وأكد أن هذه الجامعة الإسلامية في المدينةالمنورة تهتم بأمر الإسلام وأمر الوطن ولهذا اجتمعنا فيها هذه الليلة لنتحدث عن موضوع من الموضوعات التي أقلقت علماء الإسلام وعامة المسلمين وأرّقت الدول الإسلامية، حيث شوه أعداء الإسلام صورته الحسنة، وابتلينا بهذا المرض المسمى التطرف ورأينا ضحاياه في الداخل والخارج نتيجة مكائد الشيطان وغزواته، مؤكداً أن التطرف لا دين له وكذلك الإرهاب، والله تعالى نهى أهل الكتاب عن الغلو وهو التطرف، وسببه الفهم الخاطئ للنصوص الشرعية التي جاءت لإنقاذ البشرية لكن يلبس الشيطان على من لم يتعمق في العلم فيزل ويزل معه الناس، إذ نسمع خطب المتطرفين ونقرأ ما يكتبون فنجدها مملوءة بالنصوص الشرعية ونعوذ بالله من الإيمان ببعض الكتاب وترك بعضه الآخر. وأضاف أن التطرف ترك أثره على وحدة الأمة الإسلامية قديماً وحديثاً، حيث قُتل الخليفة عثمان ثم قُتل الإمام علي رضي الله عنهما، وكان قاتله يرجو الجنة نسأل الله العافية والسلامة من الأمراض الفكرية، ولا يزال التطرف يسري بأشكال مختلفة في العالم الإسلامي وغيره، ونحن نؤمن بأن الله يُعبد بالخوف والرجاء والمحبة، ولكن من الناس من عبده بالخوف والتشدد ومنهم من تطرف في الرجاء والمحبة. وقال الشيخ المطلق: ونحن في هذا العصر نصطلي بنار التطرف ويُلتقط أولادنا من حولنا ولا نعلم حتى يختطفون منا، فيتحول الابن المطيع البار إلى شخص آخر بعيد كل البعد عما كان عليه، نتيجة هذا الفكر الخبيث، فإننا ونحن نتحدث عن التطرف نتحدث عن ما يسمى في علم المال ب"التحوط" حيث إن رأسمالنا أبناؤنا ويجب أن نبذل قصارى جهدنا في ألا يتسلل هذا الفكر الخبيث إلينا، فقديماً كانت مصادر التلقي محدودة، ولكنها الآن متعددة ولا ندري من يحدث أبناءنا بسبب ما نعيشه الآن من ثورة في الاتصالات والتواصل الاجتماعي، ويجب على كل مسلم أن يعلم أن عليه مسؤولية فرض عين وهي أولاده ورعيته، والمسؤولية لدى المجتمع فرض كفاية، وهذه الأمراض الفكرية أخطر من أمراض البدن لأنها تفتك بهؤلاء الشباب وتحولهم إلى معاول هدم لدينهم ووطنهم، فهم يضرون أنفسهم وغيرهم، إذ إن النبي صلى الله عليه وسلم ترك بعض الحدود لمن آذوه وقذفوا زوجته ولم يقتل رؤوس النفاق وترك إعادة بناء الكعبة كل ذلك حرصاً على سمعة الإسلام. وبين الشيخ المطلق أن التطرف هو بضاعة الشيطان يعرضها في كل دين وبيئة وزمان ولا يزول ذلك إلا بالعلم الحقيقي المستمد من الكتاب والسنة، والله سبحانه أمر أن ترد الأمور إلى أهل الذكر، وفي هذا العصر منَّ الله علينا بالمجامع الفقهية ولا يوجد دولة إلا وفيها لجان للفتوى لطلب الرأي الجماعي، والأمور لدينا أيسر من غيرنا ولكن المشكلة إذا ابتعد الناس عن الحق ولم يسمعوا من العلماء، فلو سئل أهل العلم الأخيار عن ذلك لدلّوا إلى ما قاله الله والرسول فوجد الناس الحق بيناً، سائلا الله تعالى أن يعيذنا وأولادنا من شر الغلو والتطرف وأن يحفظ لبلادنا وأهلها أمنها واستقرارها. وفي المحور الثاني من الندوة تحدث معالي مدير الجامعة الإسلامية الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله السند وقال: إن هذه مناسبة كريمة تستضيفها الجامعة بمشاركة رواد الحوار الفكري في المملكة ممثلة برئيس مجلس الأمناء بمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني معالي الشيخ الدكتور عبدالله المطلق عضو هيئة كبار العلماء، ومعالي نائب رئيس مجلس الأمناء الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الأستاذ فيصل بن عبدالرحمن بن معمر، واستشعاراً لأهمية هذا الموضوع فإن التقاء منسوبي الجامعة بهم في هذا الحوار المفتوح لمعالجة هذه القضية الخطيرة لتكون متصدرة في مجالات الحوار المفتوح والنقاش لإزالة الشبهة والرد على كل من يريد تمزيق وحدة الأمة، فأمة الإسلام أمة واحدة وهذه الوحدة لا تسر الشانئين وإن الناظر لهذه الفتن التي تعاني منها بلاد المسلمين اليوم يجد أن وراءها أعداء الأمة الذين يريدون بالمسلمين شراً لا خيراً، وهذه الفتن ما دخلت بلداً إلا دخلت إليه القلاقل والشرور فلو صبر المسلمون على ما كانوا عليه لكان خيراً لهم. وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الاقتراب من الفتن فالمنهج الشرعي هو النأي عنها، ومن يتعرض للفتن يقع فيها، وهي شر وبلاء، وللفتن دعاة ولكنهم دعاة على أبواب جهنم كما نص عليه القرآن الكريم، وقد جعل الشارع الحكيم السمع والطاعة لولاة الأمر باباً يحصل به اجتماع كلمة المسلمين واعتزال الفرقة والفتنة، ومن أهم أسباب مقاومة دعاة الشر دعاة جنهم هو العلم وفق المنهج الصحيح السليم فإنه هو السلاح، ومؤسسات التعليم هي الركائز المهمة لمقاومة التحزب والتفرق سيما الجامعات السعودية، ومنها الجامعة الإسلامية التي يجتمع فيها أكثر من 20 ألف طالب ينتمون إلى أكثر من 192 دولة جاؤوا لطلب العلم الذي هو الحصن الحصين للشباب من دعاة الفتنة وعدم الانشغال بغير طلب العلم وخاصة من جاء إلى هذه البلاد تاركاً أهله ووطنه لطلب العلوم الشرعية ثم العلوم الأخرى، وخرجت هذه الجامعة أكثر من 70 ألف طالب مسلم في أنحاء العالم ووجدنا أنهم خير دعاة للحق والهدى ولم نسمع عن واحد منهم أنه انخرط في هذه الأحزاب والفرق، وهذا هو منهج هذه الجامعة وجامعات التعليم العالي وفق منهج الوسطية والاعتدال، وهذه الأمة أمة وسط يقوم دينها ومنهجها على الاعتدال والعدل الذي به أرسل الرسل، فإذا قامت الجامعات على هذا المنهج يتكون مقاومة لدعاة الشر. وأضاف: عقدت في الجامعة مؤتمرات وندوات عن الفكر المتطرف وسبل معالجته وصدرت عنها مؤلفات وتوصيات، ونعلن هنا أن الجامعة على أتم الاستعداد في الشراكة مع مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني لتحقيق الأهداف، ولأن هذه البلاد فيها الحرمان الشريفان فيجب أن نسعى لوحدة صفها وأن ندرأ عنها حقد الحاقدين وكيد الكائدين. من جانبه قال معالي الأستاذ فيصل بن معمر نائب رئيس مجلس الأمناء الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني: إن هذه الجامعة من أعظم الجامعات في العالم الإسلامي لما تتميز به من احتضان لأبناء المسلمين في العالم أجمع ونتشرف أن نكون فيها هذه الليلة. وأضاف: وحيث إن هذه البلاد هي مهبط الوحي والرسالة فإن هذا الشرف لا يوازيه أي شرف، وما يميز هذه البلاد أيضا هو تحقق وحدتها على يد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- بعد أكثر من ألف عام من التباعد والتفرق، وقد حرسها الله بملوك تحققت على أيديهم إنجازات زاهرة، إلى هذا العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين متعه الله بالصحة والعافية، فقد أنجزت في عهده مشاريع تنموية على عدة مسارات تعليمية وصحية واقتصادية، وإننا ولله الحمد نفخر بديننا ووطننا ونفخر بوحدتنا وأننا مقصد كل مسلم ملتزم بوسطيته واعتداله ولا نغفل المشتركات الإنسانية التي تناولتها كل الأديان والثقافات، ومن أهم المشروعات التي أقامها الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله، مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الذي أمر بإنشائه عام 1424ه، ويهدف المركز إلى توفير البيئة الملائمة الداعمة للحوار الوطني بين أفراد المجتمع وفئاته من الذكور والإناث بما يحقق المصلحة العامة ويحافظ على الوحدة الوطنية المبنية على العقيدة الإسلامية، وذلك من خلال تكريس الوحدة الوطنية في إطار العقيدة الإسلامية وتعميقها عن طريق الحوار الفكري الهادف، والإسهام في صياغة الخطاب الإسلامي الصحيح المبني على الوسطية والاعتدال داخل المملكة وخارجها من خلال الحوار البناء، ومعالجة القضايا الوطنية من اجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية وتربوية وغيرها وطرحها من خلال قنوات الحوار الفكري وآلياته، وترسيخ مفهوم الحوار وسلوكياته في المجتمع ليصبح أسلوبًا للحياة ومنهجاً للتعامل مع مختلف القضايا، وتوسيع المشاركة لأفراد المجتمع وفئاته في الحوار الوطني وتعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني بما يحقق العدل والمساواة وحرية التعبير في إطار الشريعة الإسلامية، وتفعيل الحوار الوطني بالتنسيق مع المؤسسات ذات العلاقة، وتعزيز قنوات الاتصال والحوار الفكري مع المؤسسات والأفراد في الخارج، وبلورة رؤى إستراتيجية للحوار الوطني وضمان تفعيل مخرجاته. وأضاف ابن معمر: هناك إنجازات متعددة للمركز خلال 10 سنوات قضيناها في التأسيس آملين أن نحقق رؤية خادم الحرمين الشريفين وطموحاته في أن يدخل الحوار كل بيت، من خلال العمل في أهم المؤسسات المسجد والبيت والمدرسة، بمشاركة كل القطاعات ومن أهمها الإعلام، وإنكم أيها الإعلاميون شركاء تتحملون المسؤولية والأمانة، حيث أننا نمر بمرحلة حساسة وخطيرة لم يستطع فيها الأعداء النفاذ إلا عبر التطرف فاستغلوه ذلك في العالم الإسلامي لمدة 40 سنة مضت، فأضر ذلك بالإسلام والمسلمين والدعوة الإسلامية، وهذه الجامعة لها دور عظيم في تصحيح الصورة، وخاصة من الطلبة الذين سيعودون إلى بلادهم وينشرون الوسطية والاعتدال، والأحداث التي نراها من حولنا لا تزيد المجتمع إلا تماسكاً ووحدة حيث أن منطلقنا هو وحدتنا الشرعية والوطنية وأخطر وباء أضر بالمسلمين هو التطرف، وأيضاً من أخطر ما يواجهنا اليوم هي سبل التدمير عبر الشائعات وتدمير المجتمع في وسائل التواصل الاجتماعي، والمسلمون لا ينقصهم العلم والمعرفة ولذلك يجب علينا أن نشارك هذا العالم خبرته وإنجازاته ومن أهم الأمور التي يجب الحرص عليها الشباب، ونحن بعد 10 سنوات يجب أن نجوّد العمل وأن ننتقل إلى التطبيقات حيث يسعى المركز أن يكون الحوار في كل منطقة من مناطق المملكة ليتم بها صياغة استراتيجية لمكافحة التطرف. حضور كبير للندوة