قرأت مقولة لتيودور هسبرغTheodor Hesburgh معناها أن أجمل ما تستطيع أن تقدمه لأطفالك -كأب-هو أن تحب أمهم. هذه المقولة صادقة جداً وأعتقد أن كثيراً من الرجال لا يعرفون هذه الحقيقة، التي كثيراً ما تؤثر على الأب وتجعل أطفاله غير قريبين منه. بل وتظل الأمور على حالها حتى عندما يصبح هؤلاء الأطفال راشدين وهم يحملون إرث عدم محبة أبيهم لأمهم!. وقد يتساءل بعض الأزواج والآباء ولماذا؟ والإجابة تكمن في أن الطفل عندما يولد يتحد كثيراً مع أمه وتصبح هي مصدر الأمان والحب في حياته وهي من يلبي جميع حاجاته سواء كانت فسيولوجية أو معنوية. وبالتالي فإن أي مصدر يسبب إزعاجاً للأم، يزعج الطفل ويرهقه ويشعره بالرعب وعدم الأمان. وباختصار فكما أن الطفل يرتبط بأمه أثناء فترة الحمل عن طريق الحبل السري، فإن الطفل يظل مرتبطاً بأمه بعد ذلك من خلال حبل أو رباط معنوي ونفسي. وهذا طبيعي لكل إنسان سواء كان طفلاً أو راشداً، فنحن نرغب في الشعور بالحب والأمن وبالحماية. لذا لنا أن نتخيل لو تكرر هذا الإيذاء للأم وأمام الأطفال، وشعرت الأم بالضيق أو حتى البكاء، حتماً فإن الطفل هنا شاهد على معاناتها وسيتحد عاطفياً مع أمه ويحزن لحزنها وقد يبكي معها. فمن يرى من يُحب يتعذب أمام عينيه حتماً سيكره ُمعذبه حتى لو كان الأب نفسه!. تنبهوا هنا إلى ذلك التلاحم والتعاطف والاتحاد الذي يصبح بين الأم والطفل، وعندها يصبح العدو مشتركاً بين الأم والطفل وهو الزوج والأب في هذه الحالة. للأسف الشديد نسمع كثيراً من الآباء يشتكي من جفاء أولاده معه وبعدهم عنه ولكن كما نقول بالعامية (لو عرف السبب بطل العجب)! السبب هو كيفية معاملتك لزوجتك فبها قد تكسب أولادك وحبهم للأبد، وبها قد تخسرهم للأبد! الأكثر ألماً أنه عادة ما يلجأ الأب للوم الأم بأنها هي من زرعت الكراهية في قلب أولاده! ويغفل هو عن دوره في تجهيز التربة الخصبة لهذه الكراهية، وما اتجاه الأولاد نحو أبيهم هنا إلا حصاد ما زرعه الأب وليس الأم! لمراسلة الكاتب: [email protected]