أنا زوجة أبلغ من العمر 24 عاما متزوجة من 3 سنوات، لدي طفل، لا أعمل بل قائمة على رعاية طفلي وزوجي، مشكلتي هي أنني حساسة جدا وعاطفية اهتم بالمشاعر كثيرا، وزوجي عكسي تماما، أنا أعتبر الكلام الجميل مثل الوقود لجسمي، أحتاج أن يشعرني بالأمان، كتبت له رسائل توضح ما يزعجني وما يفرحني منه، ولكن لم تأت بنتيجة، حاولت الكلام معه وأخبرته بكل شيء أحتاجه، ويكون الرد بأنه سيفعل لكن الكلام غير الفعل، أنا أحبه ولا أريد أن أبتعد عنه رغم أنه يحبني وهو من اختارني إلا أنه يتجاهل مشاعري، أعمل بالمنزل طوال اليوم من أجل راحته، أطبخ له أصنافا جديدة، أهتم بنفسي ومظهري وبطفلي دائما، علاقتي مع أهله ممتازة ألبي طلباته مهما كانت الظروف على أمل أن ألقى نظرة رضا منه، إلا أنني لا أجد ما أطمح إليه، أسلوب حياته ممل جدا يحب التلفاز كثيرا متابع جيد للمباريات والبرامج الوثائقية، روتيني لا يحب التغيير لا خروج لا رحلات ولا حتى زيارات، لا يوجد بيننا أي حوار لدرجة أني أحيانا اختلق المشكلات حتى نتحاور إذا تكلمت معه يومئ لي برأسه وهو يتابع التلفاز دون أي احترام لمشاعري، أفتقر إلى المشاركة والتعاون في حياتي معه، لكن هذا الرجل الجاف يتحول إلى شخص محب ولطيف في العلاقة الخاصة لدرجة أنني أبدأ أقارن معاملته معي حتى انهمر بالبكاء، لماذا يعاملني هكذا؟ تفرغت تماما له هجرت صديقاتي لم أكمل دراستي كله لأجله أنا أدلعه كثيرا لأني أعلم أن هذا واجبي لكن عندما أرى ردة فعله الباردة أقرر بأني لن أتعب نفسي أبدا بعد اليوم. فكرت كثيرا بإشباع حاجتي خارج المنزل ولكن الرادع الوحيد لي هو مخافتي من الله. تغيرت نفسيتي كثيرا أصبحت عصبية لا أطيق شيئا حتى طفلي. (أم. ر جدة) هذه واحدة من مشاكل كثيرة الشيوع بين جيل آبائنا وبكل أسف لا تزال موجودة في جيل أبنائنا، ومردها عدة أسباب، أولها أن الرجل الذي يمارس هذا النوع من السلوك مع زوجته إما أن يكون أنانيا فقط، أو جاهلا وأنانيا في ذات الوقت، وبتقديري ربما كان للجهل النصيب الأوفى في صنع هذه المشكلة، وجهل الزوج هنا يتمحور حول الخصائص النفسية للمرأة، واعتقاده أنها نسخة مكررة منه، وربما يستنكر بعض الأزواج على زوجاتهم مثل هذه المطالبة بالحوار والنقاش والعطف وكلام الحب والغزل، فطالما أنه يؤمن لها المسكن والملبس والطعام فهذا كاف من وجهة نظره، وبالتالي تصبح مطالبتها آنفة الذكر عند هؤلاء الأزواج نوعا من البطر والتعالي على نعم الله التي يوفرها لها، والمؤسف أن أمثال هذا الزوج لا يعرفون أن البشر رجالا ونساء لديهم حاجات نفسية مثلما لديهم حاجات عضوية كالحاجة للطعام والشراب والنوم والراحة، إذ البشر جميعا يحتاجون إشباع جملة أخرى من الحاجات على رأسها الحاجة للأمن والحاجة للحب والحاجة للتقدير والحاجة للانتماء وسواها، وهذه الزوجة تعاني بصورة واضحة من عدم إشباع حاجتها للحب والتقدير، وتزداد المشكلة سوءا لدى مثل هذه الزوجة حين يترتب على هذا الزواج أبناء أو بنات، ويبدو أنها تشعر بقيد يربطها بهذا الزوج يكمن في ابنها الذي بات هو الآخر يدفع ثمنا لجفاف أبيه مع أمه وجهله باحتياجاتها فصار غضبها يتفاقم ويزداد وفي النهاية تحول هذا الطفل إلى كبش فداء لأمه لأنها في أعماقها تشعر بأنه هو من يربطها بمثل هذا الزوج الذي ضاقت به ذرعا، ومثل هذا الزوج ساهم بشكل فعال في نمو كراهيتها للعلاقة الجنسية لأن كل صور الحنان واللطف لا تظهر من الزوج إلا حين يكون بحاجة لجسدها، في الوقت الذي لم يشفع لها تفرغها ورعايتها لبيتها وطفلها وزوجها أيضا في استجلاب اهتمام الزوج بها، والمؤسف أن أمثال هذا الزوج لا يدركون أن الزوجة في هذه الحالة مناقضة في حساسيتها العاطفية له تماما، فهو يعيش في دوائر محددة تبدأ من العمل لتمر على المنزل باعتباره مكانا للطعام والنوم وتنتهي بالتلفزيون، والزوجة ضائعة بين هذه المكونات، إذ لا تجد لنفسها مكانا عند زوجها، ولا تجد تقديرا لجهدها، وحزنها زاد بسبب انقطاعها عن صديقاتها وتحويل الزوج والطفل والمنزل إلى عالمها ولا عالم سواه، وبلا شك كانت تتمنى أن يقدر جهدها ويقدر اهتمامها به، وتلبيتها لاحتياجاته الجسدية، وحرصها على عمل علاقة طيبة مع أهله، كل هذه الإنجازات لم تشفع لها عنده، أو بمعنى أصح لم يرها، ولم يشعر بها، ولم يقدرها في النهاية، هذا كله أصاب الزوجة بالإحباط، والشعور بأن جهدها ضائع، وأنها موجودة في المكان الخاطئ، ومن واقع ما أراه في مثل هذه الحالات أن هناك نساء تدفعهن الرغبة في إشباع حاجاتهن للتفكير برجل آخر، ومن حسن حظ هذه الزوجة أنها تمتلك قدرا كبيرا من الإيمان ومخافة الله، مما ساهم في تحصينها ضد الانحراف والرذيلة، وبالمقابل كل هذا لم يدخل بعد حيز اهتمام الزوج، ولو أنها انحرفت لثار عليها واتهمها بالخسة والدناءة، في الوقت الذي لا يزال هو يعيش حياة هانئة ممتعة يحقق فيها كل ما يريده من متعة العمل ومنفعته، ومتعة البيت الهادئ والنظيف، والذرية، والاحترام من الزوجة سواء له أو لأهله، إن استعراض حياة هذا الزوج بسرعة تؤكد أن جزءا كبيرا من احتياجاته النفسية والعضوية والاجتماعية محققة بشكل ممتاز، في حين أن احتياجات هذه الزوجة يلزمها الكثير من الإشباع، ومثل هذه الحالة موجودة بوفرة في العديد من البيوت كما أسلفنا، وربما لو تحركت هذه الزوجة باتجاه بيت أهلها وتركت هذا الزوج لفترة من الزمن يعاني خلالها من فقدان كل النعم التي كان يعيش في كنفها ربما عندها يشعر أن لهذه الزوجة دورا كبيرا في حياته، إن هذا الزوج يحتاج أن يعرف سواء عن طريق الأهل أو عن طريق استشاري أسري أن المرأة بحاجة ماسة لسماع كلمة طيبة، ولمسة حنونة، وأن الحياة ليست أكلا وشربا فقط، وهو بحاجة أيضا أن يعرف أن جهله الذي يغرق به لن ينجيه وإنما قد يكون طريقا لهلاكه وهلاك حياته الزوجية، وشيوع البرود العاطفي فيها، وكثيرات هن النساء اللواتي يصنعن عالما جديدا من الصديقات وينسحبن من عالم الزوج، فإن أفاق الزوج من غيبوبته قد يعود ليسمع من زوجته عبارة: «لقد جئت في الوقت الضائع»، وعندها قد يضرب كفا بكف ولكن دون فائدة، ونظرا لأنها قد خطت خطوات عديدة باتجاه الحل الصحيح كالتحدث مع الزوج وكتابة الرسائل التي توضح له فيها حجم احتياجاتها والتي لم تثمر كلها أي خطوة عملية ما عدا الإقرار بالخطأ والتسويف والتأجيل، لذا تبقى الحلول المتدرجة هي الأمثل، ابتداء من الذهاب لاستشاري أسري محايد، حيث تحفظ الزوجة لزوجها ماء وجهه عند أهلها، وحين يفشل هذا الحل فلابد من طرق باب الأهل والشكوى لرجل حكيم وعاقل داخل محيط العائلة، أما إن فشل هذا الحل أيضا فلابد من ترك الزوج يعاني لبعض الوقت حتى يعرف قيمة الزوجة والدور الكبير الذي تقوم به في حياته، وإن وصلت الأمور إلى هذا الحد فقد يصحو وقد لا يصحو وعندها يتطلب الأمر إعادة تقويم للحياة الزوجية على ضوء ظروف الزوجة وأطفالها.