عندما يتحدث أحد أعضاء مجلس الشورى الى وسائل الاعلام معبرا عن رأي فردي يتعارض مع توجه المجلس أتساءل : هل يجيز نظام المجلس ذلك؟ ألا يضر هذا السلوك بالصورة الذهنية لمجلس الشورى في المجتمع؟ من الموضوعية أن يتم تقييم أداء مجلس الشورى في إطار مهامه وصلاحياته. ويبدو أن حالة عدم الرضا عن أداء المجلس أو الصورة الذهنية غير الايجابية في المجتمع تعود الى عدم معرفة كثير من الناس بتلك المهام والصلاحيات اضافة الى اللائحة التي تحكم عمل المجلس. تلك مقدمة لن أدخل في تفاصيلها، وانما سأطرح بعض الملاحظات المرتبطة بمواضيع نوقشت في المجلس وتعليقي عليها وهي : - طالب المجلس مؤخرا بإنشاء مركز بحوث لرصد الظواهر الاجتماعية والجنائية. وتعليقي على هذا المطلب تذكير المجلس الموقر بوجود جامعات يعتبر البحث من أنشطتها الأساسية. اضافة الى وجود كراسي بحثية متعددة. ألا تستطيع الجامعات بما يتوفر لها من امكانات القيام بهذه المهمة؟ وبشكل عام يلاحظ في الآونة الأخيرة توجهنا الى إنشاء الأجهزة الجديدة لمعالجة قصور أجهزة قائمة وهذا أدى الى الازدواجية وتضخم الجهاز الاداري. - طالب المجلس مؤخرا بإجراء دراسات دورية لقياس أداء وإنتاجية موظفي الدولة، ودراسة معايير الجدارة في الدول الأخرى، وتحليل مقوماتها ودراسة الملائم منها لثقافة الأداء المرجوة في المملكة ومقارنة أداء الموظف السعودي مع مثيله في أفضل دول العالم. وتعليقي أن هذا مطلب منطقي ومهم للتطوير وتحقيق نقلة نوعية في الأداء والانتاجية. من ناحية أخرى أذكر مجلس الشورى بقرار مجلس الوزراء الموقر عام 1429 بإنشاء مركز لقياس أداء الأجهزة الحكومية يرتبط مباشرة بمدير معهد الادارة العامة وذلك كمرحلة أولى لقياس أداء تلك الأجهزة، واستخراج مؤشرات أداء سنوية تعكس انتاجها وأداءها، وتكون من مهمات المركز قياس معدلات الانتاج الحالية للأجهزة الحكومية وقياس معدلات التغير في انتاجها، واجراء المقارنة بين أداء فروع الجهاز الحكومي الواحد من حيث الانتاج والفاعلية واعداد تقارير عن ذلك. السؤال هنا، هل تطرق مجلس الشورى لهذا المركز حين طالب بقياس الأداء والانتاجية؟ خاصة أنه كان يناقش وقتها تقرير وزارة الخدمة المدنية حيث إن وزيرها هو رئيس مجلس ادارة المعهد، أم أن ما يطالب به المجلس هو خارج نطاق هذا المركز؟ الاجابة نجدها في خبر آخر هو أن المجلس سبق له أن بحث التوصية بدعم مركز قياس أداء الأجهزة الحكومية وحثها على التعاون مع المركز كما أوصى بدعمه بالإمكانات المادية والبشرية اللازمة التي تمكنه من القيام بمهامه. (جلسة مجلس الشورى رقم 57) بعد تلك الجلسة وتحديدا في الجلسة (61) طالب المجلس وزارة الخدمة المدنية كما أشرنا بالقيام بدراسات دورية لقياس أداء وانتاجية الموظف. لا أقول إن هناك تناقضا ولكن ربما تم تناول الموضوع مقسما الى قسمين، قسم عن أداء الأجهزة، وقسم عن أداء الموظف. فهل يمكن الفصل بينهما؟ - الصورة الذهنية للمجلس في المجتمع ترتبط بعوامل متعددة من أهمها الانجازات. وأعتقد أن الخطاب الاعلامي للمجلس متوازن ويستخدم اسلوب التوضيح وليس التصادم، ولكن بعض أفراد المجتمع لا يعرفون نظام المجلس ولا مهامه وصلاحياته، والبعض لا يعرف ماذا حقق المجلس، وان عرف قد يعتبرها غير مهمة. وفي هذا الشأن أقول إن الخطاب الاعلامي للمجلس يجب أن يستمر في اعتداله لأن طبيعة عمل المجلس لا تتطلب كثافة اعلامية اخبارية أو دفاعية بقدر ما تتطلب اعلاما علميا . ومن الأمور التي تسيء الى الصورة الذهنية للمجلس بعض النقاط التي تطرح في سياق نقاش حول موضوع معين فتفهم على أنها قرارات. وكان آخر مثال على ذلك قضية هامشية جدا هي قضية التصفيق، ومثل هذه القضايا الهامشية تضعف علاقة المجلس بالمجتمع بل ترسخ انطباعات غير ايجابية عن أدائه. - تقارير الانجازات الحكومية السنوية التي تناقش في مجلس الشورى، وبعد إبداء الملاحظات والتساؤلات، ماهي الخطوة التالية؟ وهل يستخدم المجلس أساليب وطرقا، أخرى لتقييم أداء الأجهزة غير التقارير السنوية؟ - عندما يتحدث أحد أعضاء مجلس الشورى الى وسائل الاعلام معبرا عن رأي فردي يتعارض مع توجه المجلس أتساءل : هل يجيز نظام المجلس ذلك؟ ألا يضر هذا السلوك بالصورة الذهنية لمجلس الشورى في المجتمع؟ - ليس صحيحا أن المجلس لا يناقش القضايا الجوهرية. لجان المجلس تغطي كافة المجالات، وقضايا التعليم والصحة والاسكان والعمل والشؤون الاجتماعية وغيرها نوقشت في المجلس وصدر بشأنها ملاحظات وتوصيات. السؤال الذي يطرحه الناس يتعلق بمصير التوصيات، وطول فترة انتظار ما يصدر حولها من قرارات . وربما يرجع التذمر الى عدم معرفة الناس بالإجراءات المتبعة في عمل المجلس. وأخيرا أمام المجلس مسؤوليات وتحديات وهو تحت مجهر نقد يميل أحيانا الى القسوة والسخرية. الانجازات بطبيعة الحال هي التي ستجعل العلاقة ايجابية بين المجلس والمواطن. ومن المهم أن نتذكر أن المجلس يضم نخبة من الكفاءات الوطنية المتخصصة والخبرات المتنوعة وأنهم يعملون بكل اخلاص لخدمة الوطن، واذا كانت هناك ملاحظات على الأداء والمنجزات فهي تخضع للمراجعة والتطوير مع أهمية الاستفادة من النقد الموضوعي في إثراء الجهود التطويرية. ومن أجل الاثراء الفكري ودعم القضايا التي يناقشها المجلس أمام المجلس عدد من الجامعات ومراكز الأبحاث ومكاتب الاستشارات التي يمكن الاستفادة منها في اجراء دراسات ميدانية حول قضية معينة لتوفير حقائق ومعلومات تساعد على تكوين صورة واضحة واقعية قبل اتخاذ القرارات.