إذا كانت المملكة العربية السعودية كما وصفنا دولة تأسست أول ما تأسست على كتاب الله تعالى ، وسنة رسوله وتطورت وعلا بنيانها ، وصارت في مصاف الدول المتقدمة ذات الثقل السياسي ، والاقتصادي ، كل ذلك في ضوء القرآن الكريم ، فلا عجب إذن عندئذ أن يكون القرآن الكريم ، والسنة النبوية في صدر أولويات المملكة وقادتها ، وفي مقدمة اهتمامهم وعنايتهم . وإذا استعرضنا أوجه عناية المملكة وقادتها بكتاب الله تعالى وجدناها أوجهاً يستدعي حصر إفرادها بتأليف مستقل ، لكن المقام يقتضي الوقوف عند وجهين من تلك الأوجه الكثيرة : الوجه الأول : اتخاذه دستوراً للدولة ، تعمل بما فيه ، وتطبقه في جميع شؤون حياتها ، وتحكمه في كل ما تصدره من أنظمة وتعليمات ، فما وافق القرآن الكريم منها تم إقراره وإمضاؤه ، وما خالف القرآن ألغي . وليس هذا كلاماً إنشائياً ، بل إنه معمول به في الواقع العملي ، ومنصوص عليه في أعلى وثيقة حكومية ، وهي « النظام الأساسي للحكم في المملكة « الذي يعادل « الدستور « في الدول الأخرى ، فقد جاء في المادة الأولى من النظام الأساسي ما نصه : « المملكة العربية السعودية دولة إسلامية ذات سيادة تامة ، دينها الإسلام ، ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله ، وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة « . وهذا النص من الوضوح والدلالات بحيث لايحتاج إلى توضيح أو نقاش . الوجه الثاني : إنشاء أعظم صرح علمي في العالم لخدمة القرآن الكريم من جميع الجوانب : العلمية ، والدراسية ، والبحثية ، والطباعية ، والنشر ، وغير ذلك . وقد صرفت المملكة ملايين الريالات على إنشائه ، وتجهيزه بأحدث الآلات والمعدات ، وتشغيله ، وصيانته ، وتزويده بأكفأ الكوادر العلمية من والفنية المتخصصة في القرآن وعلومه ، وأحدث ما يتعلق بشؤون الطباعة ، والتجليد ، وغير ذلك .