حلّ العيد ال71 لاستقلال لبنان حزينا هذه السّنة بفعل الشغور الرئاسي المستمرّ منذ قرابة ال7 أشهر والذي يبقى أفقه مسدودا وإن رشحت أخيرا أجواء بوجود حراك دبلوماسي إقليمي ودولي من شأنه أن يفكّ العقدة الرئاسيّة في بداية السّنة الجديدة. وعلمت "الرياض" من مصدر سياسي رفيع مقرّب من قوى 14 آذار بأنّ الحوار بين "تيار المستقبل" من جهة وبين "حزب الله" من جهة ثانية سوف يسير بخطى بطيئة وبتدرّج، ما سينعكس إيجابيا على المناخ السياسي في لبنان. وللمرّة الأولى منذ أعوام لا يحتفل لبنان بعيد الإستقلال كما درجت العادة سنويا حيث يقام عرض عسكري تذكاري ويفتح قصر بعبدا الرئاسي أبوابه للإستقبالات الرسمية. وأمس أصدر رئيس مجلس الوزراء تمام سلام تعميما قضى بإلغاء الاحتفالات والاستقبالات الرسمية بذكرى الاستقلال التي تقيمها عادة الادارات العامة والسفارات والبلديات والمؤسسات العامة بسبب الاوضاع الراهنة. وأمس سرت معلومات غير رسميّة بأن رئيس الحكومة اللبنانية تمّام سلام هدّد بالإستقالة في حال لم يتمّ انتخاب رئيس واّنه أبلغ موقفه لرئيس المجلس النيابي نبيه برّي... لكن "الرياض" سألت أحد مستشاري رئيس الحكومة الذي نفى هذه المعلومة قائلا بأنّ " الرئيس سلام غير متهوّر لكي يوقع لبنان في فراغين حكومي ورئاسي، وهو يستخدم الوسائل الدبلوماسية للضغط في اتجاه الإنتخابات الرئاسية، وبالتالي هو لا يكفّ عن التّكرار في المناسبات كلّها بضرورة انتخاب رئيس للجمهورية". من جهته، أصدر رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بيانا بمناسبة عيد الإستقلال قال فيه:" أمر مشين ومُريب، أن يحل عيد الاستقلال وليس بيننا رئيس للجمهورية، يعطيه الدستور حصراً شرف القَسَم للمحافظة على استقلال الوطن وسلامة أراضيه". أضاف الحريري:" ما الاستقلال، إذا لم يكن ترجمة لمفاهيم السيادة والحرية والعدالة وتداول السلطة، بل أي معنى يبقى من الاستقلال إذا كانت الغاية من الحياة السياسية استبدال سلطة الانتداب بسلطة الفراغ في المؤسسات الدستورية. إن الإصرار على الدوران في حلقة الشغور وإبقاء رئاسة الجمهورية رهينة متغيرات خارجية، هو إصرار على بقاء لبنان في دوامة الانقسام والضياع، وأكبر إساءة توجه لتلك النخبة من رجال لبنان، التي صنعت الاستقلال وجعلته قاعدة لولادة الميثاق الوطني وتأكيد صيغة العيش المشترك". وأشار الحريري:" عيد الاستقلال مناسبة لتجديد الدعوة إلى خارطة الطريق التي تحمي لبنان من العواصف المحيطة، والمبادرة دون أدنى تأخير لإجراء مشاورات للتوافق على انتخاب رئيس للجمهورية، يضع في أولوياته إحياء الحوار الوطني وتعطيل ألغام الفتنة، وفك الاشتباك الأمني والعسكري مع الحرب السورية". أضاف : "هذه الخارطة تشكّل القاعدة المتينة للاستقرار المطلوب، والبيئة الحاضنة للجيش ودوره في ضبط الحدود ومكافحة الإرهاب واسترداد العسكريين المخطوفين، وجسر العبور إلى دولة الاستقلال التي كانت وستبقى محط أنظار جميع اللبنانيين". وختم الحريري:" خلاف ذلك نواصل سياسة الهروب إلى الأمام ونتحصّن وراء العناد السياسي وطرح الحلول المستحيلة، لنبرر لأنفسنا كسر قواعد الإجماع الوطني واستسهال التفرد بالقرارات المصيرية وحشر البلاد في المربعات الصغرى للحرائق الإقليمية".