أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور أسامة خياط المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه، وقال في خطبة الجمعة يوم أمس بالمسجد الحرام، حين يغلب الجهل بما أنزل الله على رسوله من البينات والهدى، وحين يقل العلم بما جاء به الرسول صلوات الله وسلامه عليه من الحق فإنها تضل أفهام كثير من الناس فيحيدون عن صراط الله ويتبعون السبل فتفرق بهم عن سبيله فإذا كثير منهم يسارعون في الإثم والعدوان بالقول على الله بغير علم وبنشر وإذاعة المنكر من القول والزور استجابة لداعي الهوى وعبادة الشيطان وبطاعته هو وحزبه من مسالك ومناهج وما يشيعه من مقولات وشعارات وطروحات ليس عليها آثاره من علم ولم يدل على صحتها كتاب أو سنة ولا عمل من سلف الأمة وليس لها أيضا من دنيا الواقع ما يسندها ولا من ضرورات العصر ما يشد عضدها أو يصوب القول بها وإن في الطليعة من ذلك ما دأبت عليه من محاربة بالإنكار له أو التشكيك فيه أو تحريفه عن وجهه الصحيح، فرق وجماعات وأحزاب وتنظيمات اتخذت من أصل عقدي من أصول أهل السنة والجماعة ميدانا لهذا الإنكار ومضمارا للتشكيك وساحة للتحريف والتلبيس الذي قل نظيره وذلك هو وجوب السمع والطاعة لأولاة أمر المسلمين وحرمة الخروج عليهم ونزع اليد من طاعتهم معرضين عن ما جاء من أصول ذلك وأدلته الواردة في آيات محكمات وفي سنن صحيحات صريحات وفي إجماعات لأئمة الهدى ثابتات عنهم موثقات. وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام أن الأمر جاء بطاعة أولي الأمر المسلم في كتاب ربنا سبحانه واضحا بينا لا لبس فيه، حيث قال عز وجل: (يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا). وأضاف فضيلته أن شيخ المفسرين الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله (هم الأمراء والولاة) بصحة الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر بطاعة الأئمة والولاة فيما كان لله طاعة وللمسلمين مصلحة وهو قول الإمام أحمد رحمه الله وطائفة من العلماء بأنه إذا كان معلوما أنه لا طاعة واجبة لأحد غير الله أو رسوله أو إمام عدل وكان الله قد أمر بقوله: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) بطاعة ذوي أمرنا، كان معلوما أن الذين أمر بطاعتهم تعالى ذكره من ذوي أمرنا هم الأمة ومن ولوه أمر المسلمين دون غيرهم من الناس وإن كان فرضا القبول من آمر أمر بترك معصيته ودعى إلى طاعته غير أنه لا طاعة تجب لأحد فيما أمر ونهى إلا للأئمة الذين ألزم الله طاعتهم فيما أمروا به رعيتهم مما هو مصلحة لعامة الناس والرعية ولقد جاء ذلك واضحا في صحيح السنة لقول النبي صلى الله عليه وسلم على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أومر بمعصية فلا سمع ولا طاعة، وقوله صلى الله عليه وسلم (عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثره عليك)، وقوله صلى الله عليه وسلم (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني) وقوله صلى الله عليه وسلم (اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة). وبين الشيخ الخياط أن ما أمر به الشارع وحث عليه حفظ بهذا الأصل وصيانة له وتعويدا للنفوس عليه توقير ولي الأمر وإجلاله والحذر التام من كل ما يفضي للانتقاص من قدره والحط من شأنه والتأليب عليه، فقال بعض العلماء إذا كان الكلام في ولي الأمر بغيبة أو نصحه جهرا والتشهير به من إهانته التي توعد الله فاعلها، فلا شك فإنه يجب مراعاة ذلك لمن استطاع النصيحة من العلماء الذين يخشونهم ويخالطونهم وينتفعون بنصيحتهم دون غيرهم، فإن مخالفة السلطان فيما ليس من ضرورات الدين علنا وإنكار ذلك عليه في المحافل والمساجد والصحف ومواقع الوعظ وغير ذلك فإن ذلك ليس من باب النصيحة في شيء. ودعا فضيلته أن لا نغتر بمن يفعل ذلك وإن كان عن حسن نية فإن ذلك خلاف ما عليه السلف الصالح المقتدى بهم، موضحا فضيلته أنه لا عجب أن يجعل أهل العلم هذا التوقير والإجلال لولي الأمر المسلم واجبا على الرعية ولا ينضبط هذا الواجب إلا بتعظيم الأئمة في نفوس الرعية ومتى اختلفت أمور الرعية عليهم فإنها تغيرت المصلحة.