عندما تبدد حياتك في البحث عن سبب الأشياء.. ستجد نفسك تتنافس مع نفسك فقط على إضاعة الوقت والدوران في حلقة مفرغة.. وعندما تكرس كل جهودك من أجل خلق حقيقة غير موجودة.. أو تفصيل حقيقة خاصة تُظهر الأشياء على غير حقيقتها.. سيداهمك الألم ربما ليس في لحظتك ولكن بعد خروجك من دائرة وهم الحقيقة التي خلقتها واستمتعت بها وهي ليست موجودة..! وهم الحقيقة صناعة شخصية للكثير من البشر.. لأنهم يعتقدون أن ذلك يجعل الحياة أجمل ولو مؤقتاً.. وأهدأ الآن في ظل عدم قدرتهم على تحمل مرارة الحقيقة الأصلية.. على اعتبار أنهاحافة حادة جداً من الصعب ملامستها أو التعاطي معها بأنها قدرة يمكن احتمالها..! وأعتقد أن ثمة قاسما مشتركا بين الخوف وعدم تقبل الحقيقة.. الخوف من المواجهة لما أنت غير مستعد أن تواجهه.. الخوف من التفكيير.. الذي قد يؤدي بك إن استخدمت عقلك بشكل منظم أن تعرف حقيقة لست مستعداً لمعرفتها وبإمكانها أن تغير الكثير لك في الحياة.. ليس بالضروة إلى الأفضل أو الأسوأ.. ولكن الأهم أنها ستكون حقيقة مطلقة وعليك التعامل معها والسير في خطى الطريق الذي سوف ترسمه لك.. دون أسئلة.. لأن الوصول الى الحقيقة يلغي الأسئلة تماماً.. ولأن البحث عن الحقيقة هو اختبار الأسئلة.. والوصول إليها.. هو مرحلة الأجوبة المقروءة..!! ولكن هل ترتبط الحقيقة بالنفس والقلب معاً..؟ يقول باسكال "يعرف الإنسان الحقيقة لا بالفعل وحده.. بل بالقلب أيضاً..".. ربما قد يلمسها القلب.. ويمسك بها العقل..! ومع هذاالارتباط الوجداني.. والتأمل العقلي والنفسي.. قد تجد أنك غير قادر على ملامستها أو الإمساك بها.. فمثلا ًوبعيداً عن القضايا المهمة.. أو المفصلية في حياتنا والتي تتوقف عليها الكثير من الأشياء.. قد نجد أحدنا يقول إنه يبحث عن الصح أو الحقيقة ولم يجدها.. وقد استعصت عليه.. ربمالأنه لم يفكر جيداً والتفكير عادة يحتاج إلى هدوء وتروّ.. وتركيز.. وتجميع لطاقات الإحساس والتفكير في بوتقة واحدة.. للوصول إلى ما تريده.. وربما لأنه ركض باحثاً عن الحقيقة.. التي يريدها مفصّلة على هواه.. وتخيل أنها خلف الشجرة التي أمام منزله.. وعندما بحث لم يجدها فغضب وتعطل تفكيره.. فتح باب منزله متعجلا ً ومعتقداً أنها ستطرق الباب ومع ذلك لم يجدها.. وآخر ظل في مكانه متأكداً أنه سوف يصل إلى حل وسوف يلامس الحقيقة.. وستأتي إليه دون ركض أو تفكير أو بحث.. ومع الراكض والقابع في مكانه غابت الحقيقة المطلوبة ربما لأن كلا منهما لم يفكر جيداً في طريقة الخروج من الأزمة.. وسلك طريق الفشل لأن طريق النجاح هو كيفية خلق مسارات لمعرفة الحقيقة مهما كانت صعبة وقاسية.. لأنها كما يقول" دانيييل وبستر"لا قوة كالحقيقة ذلك شيء طبيعي لاغرابة فيه..! ومع ذلك ليست هناك حقائق كاملة جميع الحقائق أنصاف حقائق.. "الفرد وايتهيد"..! وما بين عدم القدرة على ملامستها ووهميتها.. يرى آخرون أنه ليست الصعوبة في عدم العثور على الحقيقة وإنما ما بعدالحقيقة وهو عدم الهروب منها.. وهذا الجزء هو الأصعب في الحياة والأقسى لأنه عندما تعثر عليها قدلا تجدالتعبير المناسب لوصفها أو التعليق الذي من الممكن ان يشرح ما تشعربه.. ربما قد تتناثر دواخلك كالغبار الذي من الصعب أن تجمعه.. فقط تشعر أنه يخنقك ولكن لاتستطيع ملامسته.. أو تفاديه بل تبقى أسيراً له حتى تقرر أنت فقط متى تتحرر..! يعجبني قول "أمبيرز"بأن الحقائق أشياء مبعثرة.. من الصعب جمعها.. ولكن التفكير فيها بجدية يعيد اكتشاف الذاكرة.. ويضبط تجانس أوتار الحياة التي تقطعت أوصالها أحياناً.. جمعها حتى ولو بطرق مجزأة يملأ النفس بذاتها التي فُقدت أو افتقدتها حتى حدود الفيضان.. مهما كانت صرامتها ومرارتها! والسؤال الأخير هل أنت موضوعي في تعاملك مع الحياة إن حاولت الركض خلف الحقيقة؟ هل أنت شخص متوازن إن استعددت للعيش في الأيام القادمة كما تقتضي الحقيقة التي سوف تواجهها؟ تحاسب نفسك.. وتجد أن العلاقة لا تنفصل بين الماضي والحاضر والمستقبل.. وأي محاولة لفقد جذور أي منها ستفقدك الصلة بين الثلاثة.. وستدمر ذلك المسار الذي يصل بك إلى الطريق.. وستغلق منافذ الرؤية الواضحة لديك.. في لحظات التجلي! ستركض وقد تسقط وستمشي وقد تتعثر لكن في المحصلة أنت ترى المسار جيداً وتعلم ما تريده وما تريد أن تقوله.. تحاسب نفسك بهدوء وتروّ.. هل أنت متوازن في بحثك الهادئ عن الحقيقة؟ هل أنت موضوعي وتفتيشك منطقي لا يريد أن يخلط الحقيقة بالأسطورة..؟ تبحث عن الحقيقة بهدوء ودون تعجل لأن أسوأ ما قد يواجهه الإنسان هو الركض العشوائي..! أخيراً.. لعل ما قاله أحد الفلاسفة هو الأقرب الى مفهوم الحقيقة كما أراها "حدود الحقائق خارج حدود الكلمات"..!!