إن المطلع على تاريخ الأمم والشعوب لن يجد بعد القرون المفضلة نموذجا للتلاحم والتكاتف أشد وأقوى من النموذج السعودي الذي وضع لبناته ورسم طريقه الملك عبدالعزيز (طيب الله ثراه) مؤسس هذا الكيان الشامخ الذي أصبح مضرب المثل في الأمن والأمان والتعايش السلمي بين جميع أطياف المجتمع بفضل من الله عز وجل. لقد مرت مملكتنا الحبيبة بأزمات وحوادث وعمليات إرهابية من الداخل والخارج؛ تجاوزتها بفضل الله أولا ثم بقوة اللحمة الوطنية بين أطياف المجتمع؛ فكانت سدا منيعا أمام الأعداء والمتربصين الذين فوجئوا بوقوف أبناء الوطن يدا بيد لمحاربة الأفكار المنحرفة والحركات الضالة التي تحاول النيل من ديننا ووطننا وأمننا ومجتمعنا. لقد آلمت حادثة الأحساء كل مواطن ومقيم مخلص بل العالم كله كثيرا؛ فالإرهاب والإجرام لا يقره دين ولا عرف ولا يتقبله مجتمع نشأ على تعاليم الدين والأخلاق، بيد أن الحادثة الأليمة كانت أشد إيلاما لمن قاموا بهذا العمل الإرهابي وأيدوه؛ ذلك أنهم رأوا بأم أعينهم أطياف المجتمع وشرائحه من الأمراء والعلماء والوجهاء وأفراد الشعب صغارا وكبارا يدا بيد منددين بالإرهاب والفتنة متوعدين كل من تسول له نفسه المساس بأمن ووحدة هذا الوطن وأبنائه الأوفياء. إن العنف والإرهاب والفرقة والانقسام أدوات شيطانية تفتك بالشعوب والأمم، وما حصدته الحروب الأهلية من أرواح أكثر وأشنع مما حصدته الحروب التقليدية والكوارث، وما حدث من حولنا ويحدث أوضح دليل وخير شاهد على ذلك. إن التجربة السعودية في التعايش السلمي والتلاحم الشعبي والتكاتف بين القيادة وأطياف المجتمع أنموذج فريد من نوعه؛ أساسه تعاليم الكتاب والسنة ومقاصد الشرع التي تحرم الظلم والعدوان وتوجب على الجميع حفظ الأمن وتنبذ كل ما من شأنه المساس بالضروريات الخمس، والفضل في ذلك بعد فضل الله سبحانه وتعالى يرجع إلى حكمة وحنكة وبعد نظر القيادة الرشيدة التي ساوت بين الجميع دون تفريق أو تمييز وقدمت للعالم نموذجا أخلاقيا لممارسة السياسة كشف عوار نماذج السياسات الأخرى التي حققت كل شيء إلا الأخلاق والمبادئ والقيم. وما يراه الجميع اليوم من تكاتف وتلاحم ووعي بين أفراد المجتمع هو بفضل الله أولا ثم بفضل غراس يد المؤسس الملك عبدالعزيز (طيب الله ثراه) الذي وحد هذا الكيان بالعدل والإحسان ومنح أبناء الجزيرة هوية موحدة لها ثقلها إسلاميا وعربيا ودوليا؛ بعد أن كانت بلا هوية واهلها منغمسين في الفرقة والصراعات والحروب، وعلى خطى الملك المؤسس بدأ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله حفظه الله عهده المبارك بترسيخ مبدأ التعايش والتكاتف والتلاحم؛ فقام بتفعيل دور الحوار الوطني تحت مظلة مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الذي ساهم في نشر ثقافة التعايش السلمي وجعل الحوار أداة قاطعة لكل أنواع العنف والتطرف والإرهاب. لقد علمتنا حادثة الأحساء أن الإنسان السعودي بات أكثر وعيا من ذي قبل ولا غرابة؛ فالوازع الديني والتلاحم بين أطياف المجتمع سلاح وطني يفتك بالأعداء والمتربصين؛ فليمت الإرهابيون ومثيرو الفتن بغيظهم، وليكمل أبناء الوطن مسيرة التنمية والازدهار بقيادة وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي العهد. حفظ الله ديننا ومليكنا ووطننا من كل سوء. *أمين منطقة الرياض