التعليم حق من حقوق الإنسان وطلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة وقد نُظمت عملية التعليم وأنشئت الوزارات والمؤسسات حتى تسير هذه العملية في الاتجاه الصحيح؛ فسنت القوانين ووضعت الأنظمة وشكلت الأطر التي تحتوي العمليتين التربوية والتعليمية في ظل العقيدة الإسلامية الحنيفة. ومن هذا المنطلق فالجميع يتابعون اذا لم نقل يراقبون سيرهما بعد حراك وتباين في الآراء من مختصين ومتخاصمين وبين اكاديميين ومتناكدين. يختصمون على الورق ويتنابزون بالأقلام، ويبحثون في ذاكرة الموتي عن سبب الخلاف والتخلف، محاور النقاش ودوائر النزاع تلتف حول أضلاع مثلث التعليم (مثلث برمودا) الذي لم يعرف له تفسير ولم يعلم له تأويل، قدموا النصائح والحلول. بقيت الجهات المباشرة للعملية التربوية تقذف المشاكل على المدارس وهي تقول حلوها بعيدا عنا بأي طريقة. ومعهم الحق مادام في التعاميم ثغرات وجُمل فضفاضة تتسع لكثير من المعاني والتفسيرات، وفي النظام الإلكتروني مداخل وايقونات مفتوحة.. مازال باب التسجيل مفتوحا للطلاب المستجدين في الصف الأول الابتدائي؛ بتاريخ 23/11/1435 سجل تلميذ مستجد في الصف الأول (من المنطقة) وقمنا بالواجب (اسبوع تمهيدي مضغوط في ساعة) على طريقة دوراتنا التدريبة وطبخاتنا التربوية وواصلنا الدراسة ونسينا البكاء والنحيب، وتعود المستجد على الطقس البارد وسارت الأمور على خير، وبتاريخ 1/9/1436 سُجل تلميذان (بدون) بعد جدل مع مدير المدرسة ورفض من (نظام نور) لكبر سن أحدهما. وعولج الإشكال ولله الحمد والمنة، وبترغيب في الأجر والمثوبة من القسم المختص وتقاسمهم الأجر مع مدير المدرسة؛ دخل التلميذان الفصل وسط ذهول واستغراب التلاميذ الصغار وبدأنا برنامج اسبوعنا التمهيدي الثالث، وقد افتتح البرنامج أحد التلميذين بصرخة مدوية تبعها بكاء بنحيب المفارق لأهله المبتعد عن وطنه، شخصت إليه الأبصار وارتعدت الأجساد الصغيرة على مقاعدها، منهم من توتر وأطبق ومنهم من استسلم وفغر فاه، ومن حسن الحظ كان برفقتهم دارج نشيط خلع نعليه وبدأ يطوف حول التلاميذ يتفحص الوجوه وكأنه يعُد الافراد ويتفقد العرض. لم يترك زاوية في الفصل الا تأملها ولا بطاقة الا فحصها حتى ستارة العرض اختبر جودتها وقاس سمكها.. لفت الأنظار بفضوله ولطف الجو بظرفه.. الحيرة تسيطر على الجميع ونحن في الأسبوع الثامن. من أين نبدأ مع المستجدين؟ نحن في حاجة لنعلم من أمر بتسجيلهما في هذا الوقت المتأخر من الفصل الدراسي، ولم نواجه في المدارس مثل هذه الحالات من قبل، وأكيد عندهم الحلول لمثل هذه الحالات و(هم خير من يحل المعضلات). (بدمعة قلم) تقذف المشكلة على مدير المدرسة وبدور المغلوب يستقبلها بالصبر ويغلفها بالأجر ويربطها بالحسنات ويقدمها للمعلم بالدعاء، وهكذا تصل المشكلة الى الصف بكرتون المنشأ ولكن بدون (كتلوج) كتيب الحل لم يفكر فيه (يطرح للمناقصة) وعلى المعلم البحث عن الحل في الميدان بحثا علميا ويكفيه بأنهم قدموا له المشكلة التي ترفع من مستوى ادائه وتزيده خبرة ودربة على البحث في مكان العمل على طبق من يوم دراسي حافل بالتالي: رجل رفع عقيرته بكلمات سب وشتم وكأنه في حراج لم يترك كلمة في قاموسه ال.. إلا استدعاها إنه ولي الأمر الذي أهمل تربية أولاده وصب غضبه على المدرسة وفي النهاية كالمعتاد يعاني من مرض نفسي (معذور) وفي قاعة مزدحمة بالتلاميذ وعلى مكتب حديدي لم أرَ مثله الا في مكاتب نقاط بيع الخرسانة والبلك (عملي) هدير مكيف الشباك العتيق صوته يفوق اداءه (نعمة) روائح البطاطس والأبوات اكرمكم الله (عطر الفصول) رنين اجراس المبنى كل مرحلة لها جرس وتوقيت (موسيقى مدارسنا) وكل ما ذُكر خارج الجدول والخطة والأعمال الأخرى. المسؤول في ادارتنا المبجلة دبر الأمر بعواطفه ولم يفكر في معاناة الموظف (المعلم) وأكثر من يعمل في الإدارة كانوا من خيار المعلمين ولكن (ما أنسانيه إلا الشيطان). مشاكل يراها البعض عادية ولكنها مؤثرة في سير خطة عام كامل لا تُقدم مصلحة الفرد على الجماعة تحت أي ظرف. ونقول للمسؤول قارن بين يومنا ويومك ومدارسنا ومكتبك، والكلمة الأخيرة يقولها كل معلم ومعلمة في هذا البلد الكريم رسالتنا التعليم (سنعلم الإنسان تحت أي ظرف ونوليه رعايتنا واهتمامنا وهذا الشرف يكفينا) نسأل الله التوفيق والسداد للجميع.