على الرغم من الأهمية الاقتصادية للمنطقة الشرقية من المملكة ونموها الحضري السريع على مدار السنوات العشرين الماضية، وكونها منطقة محورية لإستراتيجية التنويع الاقتصادي للدولة، فانه من المتوقع أن تشهد مستويات الاسكان والتوظيف والاستثمار في الساحل الشرقي زيادة على مدار السنوات القليلة القادمة. ويبين التقرير الذي استعرضه فريق شركة "جيه أل أل" في ندوة أقيمت الخميس الفائت في فندق سوفتيل الخبر، ان القاعدة الاقتصادية للمنطقة الشرقية تزخر بالموارد المعدنية حيث يقع بها 10 من حقول الغاز الطبيعي البالغ مجملها 14 حقلا في انحاء البلاد. كما تمتلك ما يربو على 50 في المئة من احتياطي المملكة النفطي، ويشير الى ان المنطقة استأثرت بما يفوق ال 56 في المئة من اجمالي النشاط الاقتصادي السعودي خلال العام 2013، فيما تستحوذ العاصمة الرياض على 17 في المئة من النشاط الاقتصادي ومكة المكرمة 11 في المائة، و16 في المئة في المناطق الاخرى. وتمثل الجبيل الصناعية التي تقع في المنطقة الشرقية مركزا للتصنيع، حيث تسهم بنحو 12 في المئة في الناتج المحلي الاجمالي للمملكة، و85 في المئة في صادرات المملكة غير النفطية. وبحسب الهيئة الملكية للجبيل وينبع، فإن مدينة الجبيل الصناعية جذبت ما يزيد على 50 في المئة من إجمالي الاستثمارات الاجنبية في عام 2012م. وقال جميل غزنوي، المدير الإقليمي لشركة "جيه أل أل" في السعودية خلال عرض التقرير في الندوة: "يعتبر توفر الوقود والبترول بتكلفة منخفضة والدعم السياسي والحكومي دوافع رئيسية للطلب على العقارات الصناعية في المنطقة الشرقية، لافتاً إلى أن القطاع الصناعي في الساحل الشرقي هو المحرك الاقتصادي الأساسي وإحدى السمات المميزة لسوق العقارات في تلك المنطقة، وأشار التقرير الى ان هناك نقصا ملحوظا في الشقق السكنية عالية الجودة في الساحل الشرقي حالياً، وخاصة في مجمعات الوافدين. مبينا ان الطلب القوي على الشقق السكنية أدى إلى نشوء فرص لتطوير المزيد من المجمعات السكنية للوافدين والمزيد من الشقق السكنية للعمال والموظفين. ولا زالت الشريحة المكتبية محدودة نسبياً، بحسب التقرير، حيث يأتي معظم الطلب على المكاتب من شركات النفط أو مؤسسات قطاع الخدمات الذي يدعم قطاع النفط. ومن المحتمل أن تتطور شريحة المكاتب بمرور الوقت مع تحرك الطلب بفضل منشآت الصناعات التحويلية. شح في سوق المكاتب التجارية وتركَّز الطلب من شركات النفط أو الشركات العاملة في قطاع النفط وعلى الرغم من استمرار تركيز الشريحة الفندقية في الجبيل على سياحة رجال الأعمال، إلا أن هناك زيادة في الفرص المتاحة أمام المنتجات الفندقية الترفيهية في المواقع الشاطئية في منطقة الدمام الحضرية. وتدفع خيارات المنشآت الترفيهية القليلة في الساحل الشرقي الكثير من السكان للسفر إلى البحرين أو أماكن أخرى في المملكة للاستمتاع بالأنشطة الترفيهية. واكد التقرير توافر نسبة جيدة من المعروض في سوق عقارات تجارة التجزئة في منطقة الدمام الحضرية (مع وجود مركزين من مولات التسوق الرئيسية الكبرى في المنطقة) ولكن النسبة لا زالت أقل تطوراً في الجبيل. ومن المرجح أن يواكب النمو المستقبلي للمعروض في شريحة عقارات تجارة التجزئة في الساحل الشرقي، الزيادة المتوقعة بعدد السكان والسائحين. ويعتبر المحفز الرئيسي للطلب الصناعي- بحسب التقرير - هو الالتزام الاقتصادي طويل الاجل على المستوى الوطني بتنويع الاقتصاد بعيدا عن الاعتماد على تصدير النفط مثلما هي عليه الحال الان. وقد شكلت هذه الاستراتيجية ركيزة التخطيط الاقتصاد السعودي على مدار الاربعين سنة الماضية، ولا تزال في قلب خطط المملكة الرامية الى زيادة إسهام الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الاجمالي من 11 في المئة في عام 2009 الى 20% بحلول عام 2020. ويتراوح سعر المتر المربع للأراضي والمستودعات في منطقة الدمام الحضرية ما بين 300 – 700 ريال، وفي مدينة الجبيل القديمة 600 – 900 ريال، فيما تتراوح القيمة الايجارية للمتر المربع في منطقة الدمام الحضرية ما بين 15 – 17 ريالا، وفي مدينة الجبيل القديمة ما بين 80 – 170 ريالا للمتر الواحد. ورأى التقرير من خلال نظرة على سوق الاسكان في المنطقة الشرقية، تزايد جودة مشاريع التنمية السكنية من أجل الوفاء بالمعايير الدولية مع إبداء اهتمام خاص بالمجمعات السكنية لإسكان العمالة الوافدة؛ حيث ان هناك حاليا نحو 300 ألف وحدة سكنية عالية الجودة عبر منطقة الدمام الحضرية، إذ تشمل المناطق السكنية الرئيسة الشاطئ والحمراء والريان والمريكبات والجامعيين في الدمام، والكورنيش والبندرية والحزام الذهبي والحزام الاخضر والعليا والهدا في الخبر. وحال استمرار جميع المشروعات المعلن عنها فسوف يزداد المخزون إلى نحو 340 ألف وحدة بنهاية 2017م. والجبيل سوق أصغر بكثير من منطقة الدمام الحضرية، حيث تشير التقديرات إلى أن المخزون الحالي يبلغ نحو 52 ألف وحدة سكنية موزعة بين مباني الشقق السكنية متوسطة الارتفاع والمتقادمة والمجمعات في مدينة الجبيل القديمة، والفيلات المشيدة حديثا ومباني الشقق السكنية متوسطة الارتفاع في منطقة الجبيل الصناعية. ويمكن أن يزداد هذا المخزون إلى نحو 90 ألف وحدة على مدار السنوات ال 15 القادمة، مع تطوير مشاريع سكنية كبيرة في حي جلمودة وحي الفناتير والأحياء المستقبلية مثل وسط المدينة ومردومة والمطرفية والمحور الشرقي. وتتراوح اسعار المتر للفيلات في منطقة الدمام الحضرية ما بين 1000 – 4000 ريال ما بين فيلات منخفضة ومتوسطة وعالية الجودة، فيما يتراوح سعر المتر لفيلات مدينة الجبيل ما بين 1500 – 4000 ريال للمتر (عالية ومتوسطة ومنخفضة الجودة). ولا تزال معظم العائلات السعودية تفضل شراء الارض وبناء منازلها الخاصة في الساحل الشرقي (كما في بقية انحاء المملكة)، بيد أن هناك توقعات بان تتغير هذه الديناميكية تدريجيا مع مرور الوقت، مع التحول نحو شراء المنازل والشقق الجاهزة. وتتباين الاسعار والإيجارات في الوقت الراهن بشكل كبير بين المشاريع حيث تواصل المشاريع التي توفر المساكن الاعلى جودة في تحقيق ادرار متميز. كما ان الوصول الى المرافق الداعمة (مثل متاجر البيع بالتجزئة والمشروبات والاغذية والمرافق الترفيهية) سيصبح عاملا بالغ الاهمية في تحديد القدرة على الجذب ومن ثم السعر النسبي للمشاريع المنافسة. وتعد المجمعات السكنية وهي عقارات عليها بوابات مؤمنة تمتاز بمستويات عالية من الامن مع تقييد دخول الزائرين غير المقيمين بها جزءا بالغ الاهمية من سوق الاسكان السعودي ومصدر الجذب في هذه المجمعات هو إمكانية استمتاع الاشخاص الاجانب بأنماط حياة أكثر استرخاء في دولة أجنبية داخل هذه المجمعات مقارنة بالمشاريع السكنية التقليدية في الاماكن الاخرى من المملكة العربية السعودية. ونتيجة لذلك، ترتفع الايجارات في هذه المجمعات عن غيرها، بالاضافة إلى طول قوائم الانتظار لدى كثير من المجمعات السكنية الاكثر شعبية ورواجا. وتقدر JLL بأن هناك في الوقت الحالي ما يقرب من 12 ألف وحدة سكنية في المجمعات السكنية الموجودة في منطقة الدمام الحضرية، بالاضافة إلى 3,200 وحدة سكنية في المجمعات السكنية في الجبيل. ومعظم هذه الوحدات السكنية توجد في مشاريع صغيرة نسبيا يتراوح عدد وحداتها السكنية من 20 إلى 100 وحدة سكنية نظرا لمجموعة من العوامل الاقتصادية والتشريعية والأمنية. وهذه الوحدات السكنية أقل بكثير من الطلب، ما ينتج عنه قوائم انتظار تمتد لسنتين، وكذلك رغبة الكثير من الوافدين غير المتزوجين في الحصول على أماكن سكنية خارج المجمعات السكنية. ومازال سوق المكاتب التجارية سوقا صغيرة - الى حد ما - ومعظم الطلب عليها يأتي من شركات النفط او الشركات التي تدعم قطاع النفط. فيما ستؤدي رحلات العمل الدولية المتزايدة باستمرار وفرص الترفيه الجديدة الى تحفيز سوق الفنادق ورواجها. ويهيمن على سوق منطقة الدمام الحضرية مركزان تجاريان إقليميان كبيران ما يحد من فرص التنمية الاضافية لقطاع مبيعات التجزئة.