أخبرني أحد الأصدقاء (نقلا عن كتاب: الأسرار الخفية في معالم الأحساء الأثرية) أن عين الحياة التي شرب منها الخضر عليه السلام موجودة في الأحساء وتعرف حتى اليوم ب(عين الخدود).. وهو اسم مشتق من خدد أحد أولاد نبي الله عاد وتعود حسب كلامه إلى العام 1800 قبل الميلاد.. غير أن هناك ملابسات كثيرة تجعلني أستبعد أصلا وجود عين بهذه الخصائص ناهيك عن اختلاف العلماء في صحة وجود شخصية الخضر ذاتها وعدم وفاته على مر الأزمان. على أي حال وجود عين ماء (خارقة للعادة) ادعاء تجده في كل زمان ومكان وبلد.. عيون وينابيع وآبار يربطها الناس بالعمر الطويل أو القدرات الشفائية الخارقة سرعان ما تتحول الى صناعة رائجة قد تستغلها حتى الحكومات للترويج السياحي (مثل الينابيع التشيكية، وباث الانجليزية، وبادن بادن الألمانية..)!! أنا شخصيا مازلت أتذكر حادثة مشابهة أثناء طفولتي أخذت وقتها قبل أن تنتهي.. فقبل سنوات طويلة حضر سيل العاقول في موعده من كل عام، وحين اختفى وجفت المنطقة من حوله بقي جدول صغير ينساب بين صخور الحرة. وبسبب طعمه المميز وظهوره لأول مرة بدأت الإشاعات تتحدث عن فوائدة العلاجية وقدرته على علاج الكلى والربو والسكر والروماتيزم إلى آخر القائمة.. ولكن حين بدأت الظاهرة تتحول الى تجارة (حيث نصبت الاكشاك وحضرت الوايتات) استنفد الجدول قدراته وجف للأبد ونسيه الناس تماما!!! وحين سافرت الى ماليزيا لأول مرة في حياتي قبل خمسة عشر عاما كانت المحطات الفضائية تتحدث حينها عن عين ماء صغيرة تنسب إليها خواص شفائية خارقة. وبدأت القصة من خلال مزارع يدعى أحمد مامات اكتشف أن جواميسه أصبحت بصحة أفضل بسبب شربها المستمر من هذه المياه. وبعد أن جرب الأمر بنفسه أصبح يحضر بعضها لابنته التي تعاني من مشاكل في الكلى فشفيت تماماً.. وخلال أيام قليلة علم سكان المنطقة بالموضوع فكتبت عنه الصحف وبالتالي انتشر في كامل ماليزيا!! على أي حال؛ القدرات العلاجية لهذه المياه أمر يصعب نفيه أو تأكيده قبل اختبار مياه العين نفسها؛ فبعض الينابيع تضم فعلا (مياها معدنية) تملك خصائص علاجية.. وكلنا يعرف قصة النبي أيوب وكيف ابتلاه الله في ماله وعياله وجسده.. وحين اشتد به البلاء دعا الله فقيل له {اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب فضرب برجله الارض فنبعت عين ماء شرب منها واغتسل فذهب عنه كل داء.. ورغم اننا لانعرف طبيعة الماء الذي شفى الله به أيوب؛ إلا ان هذا لايمنع احتمال كونه من المياه المعدنية ذات الخصائص العلاجية التي قد تصدق على جزء استثنائي من العيون والآبار التي يروج لها البعض حول العالم!