* الماء من مخلوقات الله الدالة على عظيم صنعته وجليل قدرته وقد شاءت إرادة الله أن يكون الماء على ضربين: ماء عذب وماء ملح، قال الله تعالى: (هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج)!. لا يمكن للإنسان ولغيره من الدواب التي تعيش على البر أن تستسيغ أو تعيش على ماء ملح ولهذا امتن الله على عباده بقوله: (وأسقيناكم ماء فراتا)، وعلى الضد لو لم تكن هذه البحار ملحة لأنتن البحر وتلوثت المياه، فسبحان من بقدرته وحكمته جعل ماء الأرض المستقر في بحارها ملحا، وماء السماء المتحرك فيها عذباً طاهراً نقياً ثم أنزله برحمته وسلكه بقدرته ينابيع في الأرض. * بذكر الله تعالى تحيا القلوب، وبالماء تطهر الأبدان، «وأنزلنا من السماء ماء طهورا»، وفي الخبر الصحيح: «الطهور شطر الإيمان» والأصل في الطهارة الماء. * مكث نبي الله أيوب عليه السلام في البلاء سنين عديدة فلما أذن الله بالفرج لهذا العبد الصالح، كان برؤه بالماء. (اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب). * خلد أبوالطيب المتنبي ذكرك الحمَّى وما لاقاه منها بقوله: وزائرتي كأن بها حياءً فليس تزور إلا في الظلام بذلتُ لها المشارف والحشايا فعافتها وباتت في عظامي يضيق الجلد عن نفسي وعنها فتوسعه بأنواع السقام لكن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم يقول: (الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء). • ضرب الله في القرآن مثلاً للحق في ثباته ورسوخه، وللباطل في اضمحلاله وزواله، فاخبر جل ذكره عن الماء الذي ينزل والسيل الذي يجري فقال جل ذكره: (أنزل من السماء ماءً فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبداً رابياً ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاعٍ زبد مثله، كذلك يضرب الله الحق والباطل، فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال). • الآخرة مجمع الأولين والآخرين، والجنة دار ثواب الصالحين ونبينا صلى الله عليه وسلم يومئذ أعظم المكرمين ومن إكرام الله له قوله سبحانه (إنا أعطيناك الكوثر) والكوثر نهر من ماء آتاه الله سيد الأنبياء ففي صحيح البخاري: (بينما أسير في الجنة إذا أنا بنهر حافتاه قباب الدر المجوف، قلت: ما هذا يا جبريل؟ قال هذا الكوثر الذي أعطاك ربك).. وفي الجنة أيضا ينعم عباد الله المقربون قال ربهم عن بعضهم نعيمهم: (إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا، عيناً يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيراً) «قال: المفسرون في بيان ذلك: أي يجرونها حيث يريدون وينتفعون بها كما يشاؤون». • لكن بعد هذا التطواف عن الماء ماذا عن سيول جدة؟ قطعاً سبقنا للحديث عنها الكثير من الفضلاء والعديد من الأجلاء ثم كان الأمر الملكي الكريم وما حواه من وضوح في الرؤية ومساءلة للمقصرين ومواساة لذوي الشهداء وهنا أقول معلقاً: لا حياة للناس حقاً إلا بالقرآن والسنة، وأجل ما في هذا الأمر الملكي الكريم إنه جاء نابعاً مما أرشد إليه القرآن ودعت إليه السنة، لم يكن هذا الأمر الملكي يعتمد على حقائق رقمية ولا تعليمات نظامية لكنه جاء أمر مليكاً متفرداً يشع نور، فيه الآية تتلو الآية والحديث النبوي يعقب الحديث، فيه أنه لا باعث على العطاء شيء أعظم من مخافة الله، فيه إظهار إجلال الوفاء بالعهد الذي قطعه ولي أمر المسلمين على نفسه في يوم البيعة ليتضح لكل أحد أن ذلك الخطاب يومها لم يكن خطاب مناسبة عما قليل سيطوى، بل كان خطاب ملك يضع قدمه الأولى على سلم المجد ومعراج الشرف والذكر الخالد. ولهذا فليعلم أن من أعظم واجبات المواطنين اليوم أن يكونوا أنصاراً لهذا الملك الموفق الصالح. ثم رأينا أن همة خادم الحرمين الشريفين وفقه الله- لم تقف عند هذا، بل طوى بساط السفر إلى جازان فخاطب المجاهدين والمرابطين وهو واقف معهم لا خلف الشاشات أو بالرسائل والبرقيات ليقول لهم: إني منكم ومعكم والله جل جلاله معنا جميعاً. * ثم يأبى أيده الله إلا أن يخلف المرابطين وأهلنا في جازان بخير فيأمر بإنشاء عشرة آلاف فيلا سكنية للنازحين تبنى عاجلاً لتسد حاجتهم وتأوي أهليهم. * اللهم إن هذا البلد بلدك وهذا الحرم حرمك وهذا الملك عبدك ونحن عبيدك وإماؤك فاحفظنا جميعا اللهم بحفظك وأيدنا بنصرك).