وجه الرئيس الروسي انتقادا للحكومة وللسلطات المحلية في المناطق والمقاطعات على خلفية التذمر الجماهيري الذي تصاعد في الأيام الأخيرة وبات يقترب من حدود أزمة حقيقية نتيجة إقرار قانون إلغاء الامتيازات الاجتماعية والمعاشية واستبدالها بتعويضات مالية ضنينة. واعتبر بوتن أن المسؤولين لم ينفذوا هذه المهمة بالشكل اللازم مذكرا بأن اتخاذ مثل هذه القرارات يجب أن لا يؤثر على أوضاع السكان ولا يسيء إلى الذين ما زالوا مضطرين لمساعدة الدولة مشيرا على سبيل المثال إلى أن الاقتراح برفع الرواتب التقاعدية منذ الأول من أبريل بواقع 100 روبل أمر ضنين وغير مجد ولا بد من رفعها منذ أوائل مارس المقبل بضعف هذا المبلغ على الأقل.. في غضون ذلك ركز الرئيس الروسي على أن هذا القرار موضوعي ولا بد من تحقيق العدالة الاجتماعية أيضا موضحا أن أكثر من نصف السكان تشملهم هذه الامتيازات بمعنى انهم سيعيشون على حساب النصف الآخر ولا بد من معالجة الوضع بشكل منطقي. وقد كلف بوتن وزارة المالية وصندوق التقاعد بمعالجة مسألة رواتب المتقاعدين. من جهته أوضح وزير المالية أن المبالغ المحددة لدعم المجالات الاجتماعية ارتفعت في الميزانية من 108 إلى 301 مليار روبل وأن الوزارة تسعى لتأمين التوازن على جميع المستويات. ووعد وزيرا الصحة والشؤون الاجتماعية برفع الرواتب التقاعدية بمبلغ 240 روبلا.. على أن معظم الآراء تعتبر ما جرى في اجتماع بوتن بالحكومة مجرد محاولات لإطفاء نار تتأجج منذ زمن تحت الرماد وأن القسم الأكبر من الجماهير لا يشعر بأي مردود من عمليات الإصلاح الاقتصادي التي تتوالى وتكرس الفوائد الكبرى للكبار من الأغنياء الجدد ولو على حساب ملايين الفقراء وأن الحل لا يكمن في أن يسمح لهؤلاء الفقراء بالعيش وحسب بل أن تساهم الاصلاحات بتأمين عيش كريم لهم خاصة أنهم كانوا بناة البلد في مرحلة سابقة إن تغيرت فلا يعني تجاهلهم لكبر سنهم والذهاب بهم إلى مقبرة الفيلة قبل الوفاة. وانتقلت حالة التذمر إلى أروقة البرلمان حيث بدأت كتلة الشيوعيين بجمع التواقيع لطرح حجب الثقة عن الحكومة التي اعتبروها معادية للشعب، ودعت لوبوف سيلسكا نائبة رئيس البرلمان الوزراء المسؤولين عن هذه الفضيحة إلى تقديم استقالتهم بأنفسهم، وطالب رئيس تكتل حزب الليبراليين الديمقراطيين جيرينوفسكي بالعمل على إقالة الحكومة محملا المسؤولية أيضا إلى السلطات في المناطق، واعتبر ميرونوف رئيس مجلس الشيوخ أن هذه الحالة تستوجب الحساب وأن هناك مذنبين حقيقيين لهم أسماؤهم يجب أن يتحملوا المسؤولية مطالبا الحكومة بإصلاح الوضع قبل استفحاله. ووصل انعكاس هذه الأوضاع إلى غرفة المحاسبة الفيدرالية التي أعلنت كذلك أنها ستقوم بتدقيق مجمل حيثيات هذه الأحداث وخاصة في المناطق الأكثر تضرراً. في غضون ذلك استمرت تحركات جماهيرية في العديد من المناطق الروسية ضد قرار إلغاء الامتيازات مناخ يستطيع اليساريون أن يؤسسوا عليه لمهاجمة الإصلاحات الاقتصادية والسياسية برمتها وهذا ما بدأوا يقومون به في التظاهرات التي باتت ترفع إلى جانب الشعارات المطلبية شعاراتهم وحتى أعلامهم الحمراء.