في فورت وورث ( Fort worth) وفي منطقة Stock yard شمال ولاية تكساس الأمريكية وعلى بعد ميلين ونصف إلى الشمال من مقاطعة تاررانت ( Tarrant ).. تجلس على طاولة مئوية من الخشب تنتظر قطارا مسروقًا أو لصوصا بقبّعاتٍ مقوّسة .. جميعهم لايجيئون إلا باللونين الأسود والأبيض .. هكذا خلتُ المكان حينما جلست منتظرًا للقطار القديم الذي لايجيء لكنه حتما مرّرَ لذاكرتي أفلام الكاوبوي وشغف البدايات الطفولية للتلفزيون، ذلك القطار كما يتذاكر التاريخ غيّر ملامح الموقع وأخذه إلى عالم السياحة بهويته القديمة .. فالتاريخ يحدثنا على أنه قبل أكثر من مئة وعشرين عامًا تحديدًا قبل عام 1889 م الذي شهد أول عبور للقطار في المنطقة ..كان رعاة البقر العاملون بتجارة الأبقار يتفيئون الوجود قبل عبورهم للنهر الأحمر في ولاية تكساس غرب أمريكا .. يجتمعون على شؤونهم وشجونهم حتى وافاهم القطار فأخذ الموقع استراتيجيته التاريخية وتحول في آخر الأمر إلى مزار أسبوعي يشبه الكرنفال الدائم .. كل الملامح هناك تأخذك للتاريخ الوجوه .. الثيران الكثيرة التي تعبر الشارع على شكل جماعات منظّمة يقودها فرسان وفارسات الكابوي بما عرف عنهم من رشاقة ومهارات مدهشة في التعامل مع الفروسية .. البنايات الكثيرة في الموقع .. كل التصاميم كماهي قبل مائة وخمسين عاما ..حتى سحنات السكان كلها بملامح تاريخ الغرب الأمريكي التي قدمتها لنا السينما دائما على شكل رجالٍ يسبقون الرصاصات ... في ( Fort worth) يحيا الإنسان المعاصر منذ صبيحة الأحد وحتى غروب شمسه من كل أسبوع يوما تاريخيّا مدهشا بكل تفاصيله يغيب الحاضر فيه تماهيا مع الماضي وشدة تعلق أهله به .. بائعوا المحلات .. أطباق المطاعم .. أكواب القهوة .. الملابس التي تغوي النساء.. العروض التي يقدمها مصارعوا الثيران .. نكهة العابرين في الشارع.. حتى السائحين يقتنون ماضيهم منهم ليصبح المكان بمجمله مستوردا من تاريخ قرن مضى .. فتحياه أعذب من الماضي وأصدق من الحاضر .. إنه عفوية الحياة في أكثر بلدان العالم مدنيّة وأكثر ولايات أمريكا صناعةً ..!