الشباب هم عماد الوطن ونهضته وتقدمه، مستقبله وحاضره، وعليهم تُبنى الآمآل، وبسواعدهم القوية المخلصة تتقدم الأمم وترتقي الشعوب، لذلك كان من أولى اهتمامات كافة الدول والحكومات، الحرص على تثقيفهم وتعليمهم، وتوعيتهم وإرشادهم وحمايتهم من الوقوع في شباك المخدرات وأوحال الأفكار الضالة والمنحرفة، والتي تقودهم، والعياذُ بالله، إلى مسالك العنف والعدوان، والتي هي من أهم مصائد ومكائد شياطين الإنس، التي يعملون عليها ويسعون وراءها ليلاً ونهاراً، وذلك لتحقيق أهدافهم الخبيثة، ونشر سمومهم القاتلة وتدمير عقول أهم فئة في المجتمع، لا لشيء، ولكن لأنهم بحق أعداء للإنسانية، وأعداء للنجاح، لذلك فهم يحرصون على إشاعة ونشر السلوك العدواني لدى الشباب، وذلك لإثارتهم واستفزازهم وتعبئة عقولهم وملئها بالكراهية والحقد ضد أسرهم ومجتمعاتهم وأوطانهم، فيصبحون قنابل موقوته، قابلة للإنفجار في أي زمان وفي أي مكان، والسلوك العدواني هو عبارةٌ عن: أي فعلٍ أو قولٍ يكون متّسماً بالعنف وبالرغبة في إيقاع الأذى وإلحاق الضرر بالآخرين أو بممتلكاتهم، وهو إما أن يكون لفظيّاً أو بدنيّاً، ويكون الغضب والانفعال هما الأداة الأساسية المكوّنة له والمسسبّبة لفعله او لقوله، لذلك فقد حذّرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم من الاستسلام للغضب والانفعال، فقال عليه الصلاة والسلام للرجل الذي قال له: يا رسول الله أوصني، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم " لا تغضب" فردد له ذلك مراراً وقال " لا تغضب"، وفي الحديث الذي رواه أبوهريرة قال عليه الصلاة والسلام " ليس الشديدُ بالصّرعة، إنّما الشديد الذي يملك نفسهُ عند الغضب"وقال تعالى في مدح عباده المؤمنين (والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضِبوا هم يغفرون)، فهنا علّمنا الشرع المطهّر سبباً رئيسياً من أسباب السّلوك العدواني ألا وهو الغضب، ومن أسباب التي تؤدي إلى السلوك العدواني أيضاً هو تلك التربية الخاطئة التي يتربى عليها الشباب، وذلك الوسط السّيئ الذي يعيشون فيه وينشأون عليه، سواء من سلوك والديهم أو المدرسة التي يتلقّون تعليمهم المبكّر فيها، أو معايشتهم للحياة العامة في الشارع والاختلاط بأصدقاء السّوء، لذلك كان لا بد للوالدين من مراعاة أطفالهم منذ الصغر، والعدل بين ابنائهم، وتنشئتهم على حب الخير للآخرين وعلى الإيثار، وعدم توجيه الكلام القاسي والجارح لهم، وعدم معاقبتهم لفظيّاً أو جسديّا على تصرفاتهم الخاطئة بالقسوة المفرطة، وعدم توجيه الانتقاد الحادّ إليهم، ومراقبة أصدقائهم وجُلسائهم، وعدم إعطائهم الحرية المطلقة، وفي نفس الوقت إشعارهم بالثقة والحرص على عدم شعورهم بالنقص، وإبعادهم ومنعهم من مشاهدة كافة مشاهد العنف، سواء في الأفلام أو الالعاب الإلكترونية، ومن المهم أيضاً الحرص على عدم إحساسهم بالإحباط، سواء في مجال التعليم أو في أي مجال من مجالات الحياة المختلفة، لأن ذلك له الأثر الكبير في سلوكهم ذلك المسلك العدواني، ويشجعهم على العنف وحب الانتقام، كذلك لا ننسى أن من أهم وأعظم الأسباب المؤدية إلى العنف وإلى السلوك العدواني لدى الشباب هي آفة المخدرات، والتي تفتك بعقولهم، وتؤدي إلى اختلال التوازن في كافة الأعصاب التي في أجسامهم، وبالتالي التأثير في ردود أفعالهم وعدم التحكم في الانفعالات التي تصدر منهم، مما ينتج عنه تلك التصرفات العنيفة والسلوكيات العدوانية التي نلاحظها في واقع حياة بعض الشباب للأسف الشديد. إن السلوك العدواني لدى الشباب عبارةٌ عن مجموعة من الأفعال والأقوال التي يكتسبونها من عدة عوامل ومسببات محيطة بهم، تحتاج إلى وقفة صادقة ومعالجةٍ صحيحة وجادة، حتى يتم الوقوف عليها، والتي ذكرت بعضاً منها سابقاً، ومن أهمها: سلوك الوالدين امام أبنائهم، وطريقة التعامل معهم وأسلوب الحوار والنقاش وطريقة معالجة مشاكلهم وهمومهم، والكيفية التي تتم فيها حسابهم وعقابهم، وكذلك الحرص كل الحرص على إبعادهم عن آفة المخدرات، وملاحظة أصدقائهم وجلسائهم، ومحاولة إيجاد الوسائل الصحيحة والسبل النّاجعة لإشغالهم بما ينفعهم في حياتهم، وتعليمهم وتثقيفهم في أمور دينهم، واتبّاع الأساليب التوعوية السليمة لإرشادهم ونصحهم. أسأل الله العظيم أن يحفظ شبابنا من كل سوء، وأن يهديهم إلى طريق الخير، وأن يوفقهم لخدمة دينهم وأهليهم وأوطانهم.