دخول الخطوط الجوية القطرية لسوق الاستثمار الرياضي في السعودية بهذا الثقل النوعي والمادي من خلال توقيع عقد شراكة برعاية النادي الأهلي لمدة ثلاث سنوات يعد واحداً من أهم أحداث الموسم الجاري والذي لم يمض ربعه، وأكاد أجزم بأن الموسم سينتهي وصدى هذا العقد يتردد على الدوام. هو حدث كبير لمكانة الشركة الراعية من خلال قيمتها وسمعتها في سوق الاقتصاد العالمي كون (القطرية) باتت علامة تجارية كبرى، وهو كبير كذلك لأن الشركة التي ترعى الأهلي اليوم هي ذاتها التي ترعى نادي برشلونة، بل إنه النادي الثاني الذي ترعاه بعد النادي الإسباني الكبير، وفي كلا الجانبين قيمة مضافة للنادي الأهلي، بل للكرة السعودية. وهو حدث كبير كذلك لكون الاستثمار الرياضي قد أصيب في مقتل في الموسم الماضي مع إحجام شركة الاتصالات السعودية عن الاستمرار في رعاية الأندية الأربعة الكبرى التي كانت ترعاها وهي الأهلي والاتحاد والنصر والشباب، ما أضر بتلك الأندية وبالاستثمار الرياضي المحلي بشكل عام، ودخول شركة بحجم (القطرية) هو بمثابة جرعة أكسجين أنعشت جسد الاستثمار الرياضي المتدهور، بل أعظم من ذلك فهو أقرب إلى الأكسير الذي أعاد الحياة له. رعاية (القطرية) للأهلي تشكل قيمة مضافة للنادي الأهلي ولا شك في ذلك، بل وأزيد بأنها قيمة مضافة للمنافسات المحلية عموماً؛ لكن لا أنسى أن الشركة تدرك وهي تدخل السوق الرياضية السعودية أنها تقتحم واحداً من أهم الأسواق عموماً ليس في منطقة الخليج بل في الشرق الأوسط، ولذلك فهي لديها نقاط استهداف تسعى للوصل إليها من خلال هذه الرعاية ولعلها تذهب بعيداً لاحقاً بتوسيع استثمارها الرياضي إذا ما وجدت أن الأرض أكثر خصوبة للاستزراع، بل وقد يكون ذلك محرضاً لدخول شركات أخرى على خط المنافسة. تلك أكبر الفوائد لدخول (القطرية) لكن أكثر ما يهدد الاستثمار الرياضي المحلي هو ارتفاع منسوب الاحتقان الإعلامي والجماهيري وهو ما ينعكس إن بطريقة أو بأخرى على المستثمر، وهو ما لاحظناه مع دخول بعض الشركات في رعايتها للأندية والإشكالات التي سيقت إليها، أو مع عزوف بعض الشركات عن الدخول بحجة مخاوفها من انعكاس هذا الاحتقان عليها، ولعل اليوم الأول لدخول (القطرية) يؤكد ذلك؛ إذ دخلت في لعبة الصراع الإعلامي والجماهيري وحبر التوقيع لم يكن قد جف بعد. تصريحات الرئيس التنفيذي للشركة أكبر الباكر عن أفضلية الأهلي على كل الأندية في الشرق الأوسط، وهو الرأي الذي ذهب إليه مستنداً على ما قاله رئيس النادي الأمير فهد بن خالد استفزت خصوم الأهلي إعلاماً وجماهير، حيث يرون أن رئيس (القطرية) قد بالغ بل وقفز على الحقيقة بمنحه للأهلي هذا اللقب وهو الذي لم يحقق بطولة الدوري لثلاثة عقود، ولم يظفر ببطولة قارية. بعيداً عن صحة أو عدم صحة ما قاله الباكر، فهذه التصريحات "البروتوكولية" يقول مثلها أو شبيهاً لها كل من يوقع عقد رعاية مع هذا النادي أو ذاك، فإن لم يتحدث عن الأفضلية على مستوى البطولات، فهو يتناول الشعبية، أو الاحترافية، وقد يكون جميعها، أو أمور أخرى يراها الراعي نفسه بما يدعم رعايته، ولكن المخاوف حين يتمدد هذا الاحتجاج إلى التعريض والإساءة للأشخاص والكيانات، وهو ما يؤدي بالنتيجة إلى الإضرار بها وبالاستثمار الرياضي وهو ما يحتم صياغة قوانين تحمي بيئة الاستثمار الرياضي من العابثين أياً يكونون!