تمثّل الجامعات أهم المؤسسات التعليمية والمجتمعية التي تجمع بداخلها شباب هذا الوطن وشاباته، وهؤلاء قادرون –بعون الله- على النهوض بهذا الوطن، إذا ما تم توفير المجال الواسع للتعبير عما يفكرون به، مع ضرورة تفعيل طاقاتهم نحو التطوير بالانسجام مع المجتمع، وذلك لن يحدث إلاَّ إذا ما شعر هؤلاء أنَّهم قادرين على الحديث عن كل ما يشعرون وما يفكرون به، وأن يشاركوا في صناعة شكل واقعهم المجتمعي على أقل حد في محيط الجامعات، التي تُعدّ مجتمعهم الصغير نحو مجتمع كبير، وذلك على غرار تجارب كثير من الدول، التي أعطت لطلابها في الجامعات حق المجالس المفتوحة والمفعلة لدعم الطلاب، من خلال تنظيم متقن يرتبط بالجامعة ويعطي الشكل الإيجابي لمعنى حرية الرأي والمشاركة. وعلى الرغم من أهمية دور المجالس الطلابية، التي وجدت قبل سنوات طويلة، قبل أن يتم تهميشها وإهمالها، حتى لم يعد لها وجود، إلاَّ أنَّ طلاب الجامعة ما زالوا يحتاجون إلى مثل هذه المجالس، لكي يشاركوا في كل قنوات التواصل عبر ذلك المنبر التعليمي، على أن ينفتح ذلك المجلس بحيث لا يشمل مشاركتهم في الانتخاب والاختيار والمطالبة بحلول لمشكلاتهم فحسب، بل على المجالس الطلابية -إذا ما وجدت- أن تبدأ في خلق الانفتاح الكبير مع مجتمعهم الخارجي، وأن يشارك هؤلاء الطلاب في بناء وتطوير مجتمعاتهم عبر الزيارات الميدانية واللقاءات الجادة النافعة والإطلاع على خبرات الناجحين، مع ربط تلك المشاهدات بسلم الأهداف لديهم، بحيث تكون تلك المجالس الطلابية صانعة التغير في البنية التحتية لتفكير الجيل الجديد، وليس فقط من خلال مجلس يتم فيه التطرق للمشكلات الجامعية وصعوبة التعلم. ومن الضروري أيضاً إيجاد الدعم المناسب عبر مبادرة أعضاء هيئة التدريس والقائمين على تلك الجامعات لخلق مساحة وبيئة ملائمة تضمن نجاح المجالس الطلابية، وعلى الرغم من تلك الأهمية الكبيرة للمجالس الطلابية يبقى هناك السؤال الأهم: لماذا تغيب المجالس الطلابية عن واقع الجامعات؟، ومتى من الممكن أن تتم استعادتها واعتمادها؟. أهداف متحققة وأشار "د. سعد الحريقي" -مدير جامعة الباحة- إلى أنَّ الهدف من هذه المجالس هو مشاركة الطلاب بقرارات الجامعة والتواصل بين الطلاب والجامعة بمختلف المجالات، مُضيفاً أنَّ هذه الأهداف متحققة من خلال اللقاءات المستمرة بين الطلاب بشكل جماعي وبين إدارة الجامعات، سواءً مدير الجامعة أو وكلاء الجامعة أو حتى من عمادات الكليات، موضحاً أنَّ هذه اللقاءات موجودة ومستمرة، مُبيِّناً أنَّه لا يتم انتقاء عينة محددة من الطلاب، إذ أنَّ ذلك موجود بشكل غير مباشر. وأضاف أنَّ ذلك يعني وجود مجموعة من الطلاب يعملون في شؤون الطلاب من خلال أنشطتهم ومن خلال تفاعلهم مع الأنشطة وتؤخذ آراؤهم ويتم التعرف على مشكلاتهم، مؤكداً على أنَّ الهدف من هذه المجالس متحقق دون أن يكون هناك مسمى "مجلس طلابي"، مُبيناً أنَّ الزيارات المفتوحة ومشاركة الطلاب في تفاعل أوسع مع المجتمع موجود دون أن يكون هناك مجلس طلابي محدد، مُشيراً إلى أنَّ "عمادة شؤون الطلاب" تعتني بمثل هذه الأنشطة وتهتم بذلك. لقاءات جماعية وأكَّد "د. الحريقي" على أنَّ الجامعات تحاول أن تشارك في العديد من الأنشطة، سواءً داخل المملكة أو خارجها، مُضيفاً أنَّها أمور مستمرة وليست مقتصرة على جامعة دون أخرى، لافتاً إلى أنَّ الهدف من المجالس متحقق من خلال بعض الآليات الأخرى، التي أبدت فاعلية، موضحاً أنَّه لو اختير عينة من الطلاب، فإنَّهم قد لا ينقلون رغبات أو مشكلات جميع الطلاب، ولكن حينما يكون هناك لقاءات ومشاركات من جميع طلاب الجامعة في مثل هذه الأمور، فمن المتوقع أن تكون أوسع وأدق. وبيَّن أنه ليس هناك أيّ مخاوف من هذه المجالس الطلابية؛ لأنَّنا في هذا الوطن نُشكِّل وحدة واحدة، فليس هناك ما نتخوف منه، إنَّما الهدف هو أنَّنا إذا رغبنا أن نفعل شيء ما، فإنَّنا نفعله بشكل فاعل، ولذلك عندما يكون هناك لقاءات جماعية لجميع الطلاب، فإنَّها ستكون أدق وأكثر فاعلية لنقل رغباتهم والوقوف على أهم المشكلات التي يعانون منها في الجامعة والتفاعل مع ذلك جميعاً، وهذا هو الهدف الأهم. تراخي الطلاب وأوضح "د. عبدالعزيز السويلم" -عضو مجلس الشورى الأسبق- أنَّ المجالس الطلابية لم تتغيب بشكل مطلق، فقد تكون موجودة ولكنها لا تؤدي دورها بالشكل المطلوب، مُضيفاً أنَّ "جامعة الملك سعود" –على سبيل المثال- توجد فيها مجالس طلابية ولكنها لم تعد تمارس دورها المأمول أو على أقل تقدير تمارس دورها السابق، مُشيراً إلى أنَّ ذلك ربَّما يعود لتراخي الطلاب أنفسهم، وربما لتغيُّر النظرة حول الجامعة بما يتعلق بالمشاركة الطلابية، لافتاً إلى أنَّ المجالس الطلابية تمثل وحدة من أهم الأدوات في خلق قنوات تواصل بين الطلاب. وأضاف أنَّه تمَّ التخلِّي عن المجالس الطلابية السابقة، ليس لوجود المخاوف منها ومن تجمعات الطلاب فيها، موضحاً أنَّ مجالس الطلاب هي عملية يتم بموجبها انتخاب أو تعيين مجموعة من الطلاب يكونون ممثلين للرأي العام، ويعكسون صورة ما يدور بين الطلاب، وأحياناً لا يكون لها دور كبير، فقد تكون على مستوى مطاعم الجامعة والممرات في الجامعة، وقد تتطور إلى ما هو أكبر، ولكن ليس هناك أيّ مخاوف من التجمّع في مثل هذه المجالس، مبيناً أنَّ اختيار العميد ورئيس القسم كان يتم في السابق بالانتخاب، بيد أنَّه –للأسف- تمَّ تجاهل ذلك. ورأى أنَّ ذلك يدل على أنَّه ليس هناك قرار بإلغاء أيّ شيء، سواءً ما كان يتعلق بمجالس الطلاب أو غيرها، بقدر ما هو تجاهل لذلك الوضع، فحينما يأتي من يرغب في استعادة تلك المجالس الطلابية، فإنَّه لن يحول بينه وبين ذلك أيّ حائل، مؤكداً على أنَّه ليس هناك قرار متخذ ضد المجالس الطلابية أو انتخاب رؤساء الأقسام، مُضيفاً أنَّه لو قُدِّر للمجالس الطلابية أن تعود، فلن يكون صعباً أن يتم التعرّف على المواصفات التي تجعلها ناجحة ومؤثرة؛ لأنَّها موجودة في دول العالم. وأشار إلى أنَّه ينبغي على من يريد أن يُفعِّل هذه المجالس، أن يتأمل تجربة من سبقه، مع ضرورة توطين وتعديل الأمور لتناسب واقعنا وحالنا وثقافة مجتمعنا، موضحاً أنَّها ممارسة موجودة في واقع الحال، بل أنَّنا كلنا ثقة بأنَّ هؤلاء الشباب سيكونون مبدعين وسيجعلون من المجالس الطلابية بيئة آمنة وهامة في التنفيذ وتوصيل الرؤية. فكرة رائدة ولفت "د. بكر محمد إبراهيم" -أستاذ الإعلام الأسبق بجامعة الملك سعود- إلى أنَّ المجالس الطلابية كانت موجودة قبل سنوات، حيث صدر قرار بالسماح للطلاب بالمشاركة في مجالس الجامعة، بحيث يختار الطلاب شخص يمثلهم في مجلس الجامعة، مُضيفاً أنَّها كانت فكرة رائدة ثمَّ غابت أو غُيّبت لسبب من الأسباب، موضحاً أنَّ هناك جهات إشرافية على رعاية الشباب في الجامعات، كما أنَّ هناك إدارة ترعى شؤون الطلاب في الجامعة، بما فيهم الشباب، مُبيِّناً أنَّها تهتم بأمورهم الرياضية وتنظّم لهم الندوات الثقافية. وأضاف أنَّ ذلك لا يغني عن وجود مجلس خاص للطلاب بالمعنى الصريح، مُشيراً إلى أنَّ الوقت حان لإعادة النظر في وضع هذه المجالس الطلابية، مُشيراً إلى أنَّ الطلاب بحاجة إلى قيادة الشباب وإثارة موضوعات الشباب وتلمس الاحتياجات التي يحتاجونها، خاصة في الوقت الحالي الذي كثرت فيه التوجهات، لافتاً إلى أنَّ هذه المجالس من الممكن أن تُحدد وجهات الشباب وتُحدد لهم أيضاً الكثير من الأحداث، التي تدور في المجتمع، وتُوضح لهم الصورة الحقيقية لكثير مما يظهر لهم في الصحافة الأجنبية أو العربية أو وسائل الاتصال الاجتماعي. وأكَّد على أنَّ المجالس الطلابية لها دور كبير ومهم متى ما وُجد أناس يُكرسون جهودهم لإبرازها، مُضيفاً أنَّ هناك حماسا مفقودا لدى الأشخاص الذين كانوا يدفعون الشباب للتحرك وإلى المساهمة الفاعلة في الأنشطة الشبابية في الجامعات، مُشيراً إلى أنَّ الظروف رُبَّما تغيَّرت حالياً، إذ أنَّ المجال مفتوح للجميع ليعملوا، لافتاً إلى أنَّ المجتمع الآن بحاجة ماسة لهم وهم قادة المستقبل. د. بكر إبراهيم شباب الجامعات قادرون على المشاركة الإيجابية لتنمية وطنهم العمل التطوعي يبرز حضور الفتاة الجامعية في مناسبات المجتمع التجمع النسائي في الجامعات يحتاج إلى تنسيق واستثمار الجهود