الرجم هو معلم عبارة عن مجموعة من الحجارة مشيد بطريقة إما أن تكون عشوائية أو منتظمة في البراري، بأعراضٍ وأطوالٍ مختلفة، تُبنى بأعلى مكان مما حوله إما بقمة جبل أو ( شعفة). وللرجم أهمية كبيرة في رصد أبعد مكان ممكن مما يحيط بأرضه، حيث يشرف على البعيد والقريب من الأماكن المحيطة به، والهدف من بناء الرجم تقريباً هو الترفيه عن النفس غالباً، ويُبنى ممن هم مجاورون لمكانه ليستطيعوا أن يشرفوا على ما حولهم، إما للتسلية أو لمراقبة شيء من مواشيهم، ومن طريف ما قيل في بناء الرجم قول أحد الشعراء: يا رجم يا عل من سواك يعرض على بارد الجنة الرجم رجم الحدب بانيه والاسم غديت به رقيه ومما قيل في الثناء على من بنى الرجم، والدعاء له بالجنة، لأنه وجد به الداعي لبنائه ملجأ يلجأ إليه كل ما ضاق صدره، وكثرت همومه، قول الشاعر: يا رجم يا عل من سواك يعرض على بارد الجنة لا ضاق صدري نويت أنصاك أوسع الصدر بالونة نافل علي الحربي ويعتبر الرجم مكاناً مهماً يقصده العشاق، لمراقبة معشوقاتهم، وهذا ربما يلفت الانتباه، ويجعل الناس تشك في من يرقبه، ويتردد عليه بشكلٍ مستمر، ومما قيل في هذا المعنى، قول الشاعر: فر قلبي فرة الكدري من مقيله جوه طرقيه يوم اعدي الرجم وانحدري القبايل شبهروفيه ويقصد بالقبائل، القطين على العد في فصل الصيف (القيظ)، حين يكون القطين من قبائلٍ شتى ويقول شاعر آخر في الرجم، والدعاء له بالسيل، لأنه مكانٌ يوسع صدر: يا رجم ياللي مرقب(ن) للمشقا هيضتني ياللي عسى السيل يسقيك وهناك من الشعراء من يرى أن الرجم مضر بصحة العاشق، ومصدر خطر على حياته، لأنه مكان للشقاء والتفكير بالحب، وشيء من ذلك مما ربما لا يعقبه طائل للعاشق، بل ربما يزيد ولعه وشوقه، وهيامه، ولهذا يقول أحد الشعراء: يا معدي الرجم لا تويقه قبلك ترى الرجم عناني ما يوسع الصدر عن ضيقه يا كود زينات الإقراني هجن(ن) توامى معاليقه تودع بعيد الخلا داني ومعنى قوله، انصحك يا من تعتقد أن الرجم يوسع الصدر، بأن لا ترقبه، وإنما الذي يوسع الصدر هو ركوب الهجن ويقول آخر عند ما رأى عاشقاً يدعى الوليعي، يموت عشقاً وهو في راس رجمٍ: بعذر الوليعي لو تدربى ولو طاح من راس رضوى والعوض به عباته مار افطنو لي عند هبات الأرياح لا أصير مثله ثم اسوي اسواته أي لا ألومه لو مات من أسباب العشق، وسقط من أعلى الجبل المسمى رضوى، الذي كان يرقبه ويتذكر محبوبته فيه. وللإرقاب على الرجم أيضا أغراضٌ أخرى، منها بحث الشخص المسافر عن معازيبٍ يبات عندهم، أو للبحث عن أهله، عندما يأتي من سفر، أو يكون خلفهم وهم راحلون فلا يعلم أين يكونون، ومما قيل بهذا الشأن، تقول الشاعرة كنة الشمرية: يا رجم ما شفت عبد الله ما نط بك وقت الإدماسي يارجم أنا سايلك بالله أي الرجاء وأي الإياسي ويقول أحد الشعراء: عديت بمريقبٍ والليل ممسيني بديار غرب(ن) يعل السيل ما جاها وأضحك مع اللي ضحك والهم طاويني طوية اشنون الطلب لا قطرو ماها وراك ما تزعجين الدمع يا عيني على هنوفن جديد اللبس يزهاها وللرجم غرض مهم عند الغزاة، وهو إنهم يختارون أقواهم نظرا، وأفضلهم بمعرفة طرق العدو على الإبل التي ينوون أخذها، فيبعثونه إلى أقرب رجمٍ من الإبل، ليرى إذا كان عندها جنب او كانت بعيدةً عن أهلها، أو عند أهلها، وعندها رجال يحمونها، فيقدر قدرة قومه وقدرة أهل الإبل، كذلك يتعرف على الأماكن التي فيها أشجار أو واطية لا تمكن أهل الإبل من رؤيته هو ورفاقه، فيسلك هذه المسالك، ويقول شاعر في هذا المعنى: يا ما حلا الهجن وهجيني ومقابل الرجم له قبله عيني تسر الفراقيني لما رمتني على ذبله وما دام نفسي تهقويني وش يقعدني على الخبله ويسمى من يصعد الرجم في حال الغزو الرقيبة، أي من يرقب المرقاب، وهو الرجم، ومن مهام الرقيبة، أيضا النظر إلى الخلف عندما ينهبون إبلاً فيهربون بها، فإذا ما رأى خلفهم طلبا لا قدرة لهم به تركوا لهم الإبل، ونجوا بأنفسهم، وجيشهم، أو خيلهم وللرجوم أيضا أهمية في مخايلة البروق البعيدة ليلاً، ومن شواهد ذلك قول الشعر نميان بن فالج السليمي الحربي: عديت أنا بالغريّب اللي بالظَهَر وأشوف نزل صويحبي وأخايله أخايله كما يخيلون المطر المدهرين اللي أشتكو هزايله